ثم إن الدعوة تتضمن تكليف المدعوّين بالرجوع عن الدين المألوف ، والفطام منه شديد وربما تنجر المقاولة إلى المقاتلة ، فحينئذ أمر الداعي وأتباعه برعاية العدل والإنصاف في حال القتال قائلاً : { وإن عاقبتم } ، أي : إن رغبتم في استيفاء القصاص إن وقع قتل فاقنعوا بالمثل ولا تزيدوا عليه . والآية عامة وقد يخصصها رواة أسباب النزول بقصة حمزة قالوا : إن المشركون مثلوا بالمسلمين يوم أحد ، بقروا بطونهم وقطعوا مذاكيرهم ، ما تركوا أحداً غير ممثول به إلا حنظلة بن الراهب . فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد مثل به . وروي فرآه مبقور البطن فقال : أما والذي أحلف به إن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين مكانك . فنزلت ، فكفر عن يمينه وكف عما أراده . قاله ابن عباس في رواية عطاء وأبيّ بن كعب . ومن هذا ذهبوا إلى أن خواتيم سورة النحل مدنية . ولا خلاف في تحريم المثلة ، وقد وردت الأخبار بالنهي عنها حتى بالكلب العقور ، وقيل : نزلت حين كان المسلمون قد أمروا بالقتال مع من يقاتلهم ولا يبدأوا بالقتال فهو كقوله : { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم }[ البقرة : 190 ] ، أمر الله تعالى أن يعاقبوا بمثل ما يصيبهم من العقوبة ولا يزيدوا . وقال مجاهد والنخعي وابن سيرين : إنه نهى المظلوم عن استيفاء الزيادة من الظالم . وفي قوله : { إن عاقبتم } ، رمز إلى أن الأولى له أن لا يفعل كقول الطبيب للمريض : إن كنت تأكل الفاكهة فكل التفاح ثم انتقل من التعريض إلى بعض التصريح قائلاً . { ولئن صبرتم لهو خير } ، أي : صبركم خير لكم . فوضع المظهر موضع المضمر ثناء من الله عليهم ، أو وصفاً لهم بالصفة التي تحصل لهم ، أو جنس الصبر خير { للصابرين } من جنسهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.