الحالة الأخرى من أحوال الإنسان قوله عم طوله : { والله جعل لكم من أنفسكم } ، أي : من جنسكم ، { أزواجاً } ، ليكون الأنس به أتم . ولا ريب أن تخليق الذكور والإناث مستند إلى قدرة الله وتكوينه . والطبيعيون قد يذكرون له وجهاً قالوا : إن المني إذا انصب من الخصية اليمنى إلى الذكر ، ثم انصب منه إلى الجانب الأيمن من الرحم ، كان الولد ذكراً تاماً في الذكورة ، بناء على أن الذكر أسخن مزاجا ، ً وكذا الجانب الأيمن . وإن انصب من الخصية اليسرى ، إلى الجانب الأيسر من الرحم ، كان الولد تاماً في الأنوثية ، وإذا انصب من اليمنى إلى الأيسر ، كان ذكراً في طبيعة الإناث ، وإن كان بالعكس كان بالعكس . قال الإمام فخر الدين الرازي : هذه العلة ضعيفة فقد رأينا في النساء من كان مزاجه في غاية السخونة ، وفي الرجال من كان في غاية البرودة . ولقائل أن يقول : الكلام في المزاج الصنفي ، لا في المزاج الشخصي ، وهذا الإمام لم يفرق بينهما فاعترض بأحدهما على الآخر . { وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة } ، أصل الحفد الإسراع في الخدمة . والفاعل حافد ، والجمع حفدة . فقيل : أراد بها في الآية الأختان على البنات . وقيل : أولاد الأولاد . وقيل : أولاد المرأة من الزوج الأوّل ، وقيل : الخدم والأعوان . وقيل : البنون أنفسهم الجامعون بين الأمرين البنوّة والخدمة . وقيل : الأولى دخول الكل فيه . ثم ذكر إنعامه عليهم بالمطعومات الطيبة ؛ لأن لذة المنكوح لا تهنأ إلا بعد الفراغ من لذة المطعوم ، أو بعد الفراغ من تحصيل أسبابها . وأورد : " من " التبعيضية ؛ لأن لذة كل الطيبات لا تكون إلا في الجنة . ثم ختم الآية بقوله : { أفبالباطل يؤمنون } ، فقيل : الباطل ، هو : ما اعتقدوه من منفعة الأصنام وبركتها وشفاعتها ، ونعمة الله ما عدده في الآيات السابقة . وقيل : الباطل ما زين لهم الشيطان ، من تحريم البحيرة ، والسائبة ، وغيرهما ، ونعمة الله ما أحل لهم . وإنما قال ههنا : { وبنعمة الله هم يكفرون } ، وفي آخر " العنكبوت " { وبنعمة الله يكفرون } [ الآية : 67 ] ؛ لأن تلك الآيات استمرت على الغيبة فلم يحتج إلى زيادة ضمير الغائب . وأما في الآية فقد سبق مخاطبات كثيرة ، فلم يكن بد من ضمير الغائب المؤكد ؛ لئلا يلتبس بالخطاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.