{ وَقَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ } حكاية لنوعٍ آخرَ من قبائحهم وهو قدحُهم في أمر النبوة بعد حكاية قدحِهم في شأن التوحيد بنسبة الولدِ إليه سبحانه وتعالى ، واختُلف في هؤلاء القائلين : فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هم اليهودُ وقال مجاهد : هم النصارى ووصفُهم بعدم العلم لعدم علمِهم بالتوحيد والنبوة كما ينبغي ، أو لعدم علمِهم بموجب عمَلِهم أو لأن ما يحكى عنهم لا يصدرُ عمن له شائبةُ علمٍ أصلاً . وقال قتادةُ : وأكثرُ أهل التفسير هم مشركو العربِ لقوله تعالى : { فليأتنا بآية كما أرسل الأولون } [ الأنبياء ، الآية 5 ] وقالوا : { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا المَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا }
[ الفرقان ، الآية 21 ] { لَوْلاَ يُكَلّمُنَا الله } أي هلا يكلمُنا بلا واسطة أمراً ونهياً كما يكلم الملائكةَ أو هلا يكلمنا تنصيصاً على نُبوَّتِك { أو تأتينا آية } حجةٌ تدل على صدقك . بلغوا من العُتوِّ والاستكبار إلى حيث أمّلوا نيلَ مرتبةِ المفاوضة الإلهية من غير توسط الرسولِ والملَك ، ومن العنادِ والمكابرة إلى حيث لم يعُدّوا ما آتاهم من البينات الباهرة التي تخِرُّ لها صُمُّ الجبال من قَبيل الآيات ، قاتلهم الله أنى يؤفكون . { كذلك } مثلَ ذلك القولِ الشنيعِ الصادرِ عن العِناد والفساد { قَالَ الذين مِن قَبْلِهِم } من الأمم الماضية { مثْلَ قَوْلِهِمْ } هذا الباطلِ الشنيعِ فقالوا : { أَرِنَا الله جَهْرَةً }
[ النساء ، الآية 153 ] وقالوا : { لَن نصْبِرَ على طَعَامٍ واحد } [ سورة البقرة ، الآية 61 ] الآية وقالوا : { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ } [ المائدة ، الآية 112 ] الخ وقالوا { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا } [ سورة الأعراف ، الآية 138 ] الخ { تشابهت قُلُوبُهُمْ } أي قلوبُ هؤلاءِ وأولئك في العمى والعِناد وإلا لما تشابهت أقاويلُهم الباطلة { قَدْ بَيَّنَّا الآيات } أي نزلناها بينةً بأن جعلناها كذلك في أنفسِها كما في قولهم : سُبحان مَنْ صغّر البعوضَ وكبَّر الفيلَ لا أنا بيناها بعد أن لم تكن بينةً { لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } أي يطلُبون اليقين ويوقنون بالحقائق لا يعتريهم شُبهةٌ ولا رِيبة ، وهذا ردٌّ لطلبهم الآيةَ ، وفي تعريف الآياتِ وجمعِها وإيرادِ النبيين المُفصِح عن كمال التوضيح مكانَ الإتيان الذي طلبوه ما لا يخفى من الجزالة ، والمعنى أنهم اقترحوا آيةً فذَّةً ونحن قد بينا الآياتِ العظامَ لقوم يطلُبون الحقَّ واليقين ، وإنما لم يُتعرَّضْ لرد قولِهم : { لَوْلاَ يُكَلّمُنَا الله } [ سورة البقرة ، الآية 118 ] إيذانا بأنه من ظهور البطلان بحيث لا حاجة له إلى الرد والجواب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.