الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ لَوۡلَا يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوۡ تَأۡتِينَآ ءَايَةٞۗ كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّثۡلَ قَوۡلِهِمۡۘ تَشَٰبَهَتۡ قُلُوبُهُمۡۗ قَدۡ بَيَّنَّا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (118)

قوله تعالى : { لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللَّهُ } : " لولا " و " لَوْما " يكونانِ حَرْفي ابتداءٍ ، وقد تقدم ذلك عند قوله { فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ } [ البقرة : 64 ] ، ويكونان حَرْفَيْ تحضيضٍ بمنزلة : " هَلاَّ " فيختصَّان بالأفعالِ ظاهرةً أو مضمرةً كقوله :

تَعُدُّون عَقْرَ النِّيْبِ أفضلَ مَجْدِكُم *** بنى ضَوْطَرِى لولا الكَمِيَّ المقنَّعا

أي : لولا تَعُدُّون الكميَّ ، فإنْ وَرَدَ ما يُوهم وقوعَ الاسمِ بعدَ حرفِ التحضيض يُؤَوَّل كقوله :

ونُبِّئْتُ ليلى أَرْسَلَتْ بشفاعةٍ *** إليَّ فهلاَّ نفسُ لَيْلى شَفِيعُها

ف " نفسُ ليلى " مرفوعٌ بفعلٍ محذوفٍ يفسِّره " شفيعُها " أي : فَهَلاَّ شَفَعَتْ نفسُ ليلى . وقال أبو البقاء : " إذا وَقَعَ بعدَها المستقبلُ كانَتْ للتحضيضِ وإنْ وَقَعَ [ بعدها ] الماضي كانَتْ للتوبيخ " وهذا شيءٌ يقولُه علماءُ البيانِ ، وهذه الجملةُ التحضيضيةُ في محلِّ نصبٍ بالقول .

قوله : { كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ } قد تقدَّم الكلامُ على نظيرِه فَلْيُطْلَب هناك . وقرأ أبو حَيْوة وابن أبي إسحاق : " تَشَّابَهَتْ " بتشديد الشين ، قال الداني : " وذلك غيرُ جائز لأنه فعلٌ ماض " يعني أن التاءَيْن المزيدتين إنما تجيئان في المضارع فَنُدْغِم ، أمَّا الماضي فلا .