تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ لَوۡلَا يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوۡ تَأۡتِينَآ ءَايَةٞۗ كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّثۡلَ قَوۡلِهِمۡۘ تَشَٰبَهَتۡ قُلُوبُهُمۡۗ قَدۡ بَيَّنَّا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (118)

الآية 118 وقوله تعالى : { وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية } قيل فيه بوجوه : قيل : { الذين لا يعلمون } يعلمون في الحقيقة ، ولكن سماهم بذلك لما لم ينتفعوا بعلمهم . وقيل : { الذين لا يعلمون } توحيد ربهم ، وهم مشركو العرب ؛ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم { لولا يكلمنا الله أو تأتينا } فيخبرنا{[1392]} بأنك رسوله . وقيل : { الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله } أي لا يعلمون أنهم لم يبلغوا المبلغ الذي يتمنون تكليم الله . وقيل : { الذين لا يعلمون } أنه{[1393]} قد كلمهم ، وأخبرهم بالوحي وإيتاء رسوله صلى الله عليه وسلم آيات على رسالته ، لكنهم يعاندون .

وقوله : { كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم } قيل : { الذين من قبلهم }بنو إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام{[1394]} مثل ما قال مشركو العرب لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو قولهم{[1395]} : { لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا } [ الفرقان : 21 ] . وقيل : اليهود سألوا مثل سؤال النصارى . وقيل : النصارى سألوا مثل سؤال اليهود . والله أعلم .

وقوله : { تشابهت قلوبهم } قيل : { تشابهت قلوبهم } بالكفر والسفه . وقيل : { تشابهت قلوبهم } في المقالة ، يشبه بعضها بعضا في السؤال لأنهم سألوا سؤال متعنت لا سؤال مسترشد .

وقوله : { كذلك قال الذين من قبلهم } يحتمل وجهين :

أحدهما : هذا القول .

والثاني : أن سألوا{[1396]} سؤال التعنت والعتو لا سؤال الاسترشاد ؛ إذ الله تعالى قد أثبت آيات الإرشاد لمن يبتغي الرشد ، ولا قوة إلا بالله .

وقوله : { قد بينا الآيات لقوم يؤمنون } قيل ( بينا ) أمر محمد صلى الله عليه وسلم بالآيات والحجج التي أقامها : أنه رسول لمن آمن به ، وصدقه ، ولم يعانده .


[1392]:- في ط م: فتخبرنا.
[1393]:- من ط م، في الأصل و ط ع: أنهم.
[1394]:- من ط ع.
[1395]:- في النسخ الثلاث: قوله.
[1396]:- في ط م: سألوا.