فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ لَوۡلَا يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوۡ تَأۡتِينَآ ءَايَةٞۗ كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّثۡلَ قَوۡلِهِمۡۘ تَشَٰبَهَتۡ قُلُوبُهُمۡۗ قَدۡ بَيَّنَّا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (118)

{ وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون } .

{ وقال الذين لا يعلمون } قيل هم اليهود وقيل النصارى ، ورجحه ابن جرير لأنهم المذكورون في الآية ، وقيل مشركو العرب وعليه أكثر المفسرين { لولا } حرف تحضيض أي هلا .

{ يكلمنا الله } مشافهة من غير واسطة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فنعلم أنه نبي أو بواسطة الوحي إلينا لا إليك ، وهذا منهم استكبار وتعنت { أو تأتينا } لذلك { آية } أي علامة على نبوته ، وهذا منهم جحود { كذلك } أي مثل ذلك القول الشنيع الصادر عن العناد والفساد .

{ قال الذين من قبلهم } قيل هم اليهود والنصارى في قول من جعل الذين لا يعلمون كفار العرب ، أو الأمم السالفة في قول من جعل الذين لا يعلمون اليهود والنصارى ، أو اليهود في قول من جعل الذين لا يعلمون النصارى { مثل قولهم } وذلك أن اليهود سألوا موسى أن يريهم الله جهرة ، وأن يسمعهم كلام الله وسألوه من الآيات ما ليس لهم مسألته { تشابهت قلوبهم } أي في التعنت والعمى والعناد والاقتراح ، وقال الفراء : في اتفاقهم على الكفر ، وإلا لما تشابهت أقاويلهم الباطلة { قد بينا الآيات } أي نزلناها بينة بأن جعلناها كذلك في أنفسها كما في قولهم سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل ، لا أنا بيناها بعد أن لم تكن بينة { لقوم يوقنون } أي يعترفون بالحق وينصفون في القول ، ويذعنون لأوامر الله سبحانه لكونهم مصدقين له سبحانه مؤمنين بآياته متبعين لما شرعه لهم .