غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدۡيَنَ وَجَدَ عَلَيۡهِ أُمَّةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَيۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِي حَتَّىٰ يُصۡدِرَ ٱلرِّعَآءُۖ وَأَبُونَا شَيۡخٞ كَبِيرٞ} (23)

22

{ ولما ورد ماء مدين } وكان بئراً فيما روي وورود الماء مجيئه والوصول إليه ضدّ الصدور . { وجد عليه } أي على شفيره ومستقاه { أمة من الناس } جماعة كثيرة العدد أصنافاً { يسقون } مواشيهم { ووجد من دونهم } أي في مكان أسفل من مكانهم { امرأتين تذودان } أي تدفعان وتطردان أغنامهما لأن على الماء من هو أقوى منهما فلم يتمكنا من السقي ، وكانتا تكرهان المزاحمة على الماء واختلاط أغنامهما بأغنامهم أو اختلاطهما بالرجال . وقيل : تذودان الناس عن غنمهما . وقيل : تذودان عن وجوههما نظر الناظر . وبالجملة حذف مفعول { تذودان } لأن الغرض تقرير الذود لا المذود . وكذا في { يسقون } و { لا نسقي } المقصود هو ذكر السقي لا المسقي ، وكذا في قراءة من قرأ { حتى يصدر } من الإصدار أي حتى يصدر الرعاء مواشيهم الغرض بيان الإصدار . { قال ما خطبكما } هو مصدر بمعنى المفعول أي ما خطو بكما من الذياد { قالتا لا نسقي } الآية . سألهما عن سبب الذود فذكرتا أنا ضعيفتان مستورتان لا نقدر على مساجلة الرجال ومزاحمتهم فلابد لنا من تأخير السقي إلى أن يفرغوا وما لنا رجل يقوم بذلك . { وأبونا شيخ } قد أضعفه الكبر فلا يصلح للقيام به ، وهذه الضرورة هي التي سوغت لنبي الله شعيب أن رضي لابنتيه بسقي الماشية على أن الأمر في نفسه ليس بمحظور ، ولعل العرب وخصوصاً أهل البدو منهم لا يعدّونه قادحاً للمروءة . وزعم بعضهم أن أباهما هو ثيرون ابن أخي شعيب وشعيب مات بعدما عمي وهو اختيار أبي عبيد ينميه إلى ابن عباس . وعن الحسن أنه رجل مسلم قبل الدين من شعيب .

/خ42