غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (165)

153

{ رسلاً مبشرين ومنذرين } يعني أن المقصود من بعثة الأنبياء إلزام التكاليف بالإنذار والتبشير ، وقد يتوقف هذا المطلوب على إنزال الكتب وقد يكون إنزال الكتاب منجماً مفرقاً أقرب إلى المصلحة لأنه إذا نزل جملة كثرة التكاليف فيثقل القبول كما ثقل على قوم موسى فعصوا . ثم ختم الآية بقوله : { وكان الله عزيزاً حكيماً } والمعنى أن عزته تقتضي أن لا يجاب المتعنت إلى مطلوبه وإن كان أمراً هيناً في القدرة وكذلك حكمته تقتضي هذا الامتناع ، لأنه لو فعل ذلك لأصروا على اللجاج في كل قضية . واحتج الأشاعرة بالآية على أن معرفة الله لا تثبت إلاّ بالسمع لقوله : { لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } فيكون قبل البعثة لهم حجة في ترك الطاعات والمعارف . وأجابت المعتزلة بأن الرسل منبهون عن الغفلة وباعثون على النظر وكان إرسالهم إزاحة للغفلة وتتميماً لإلزام الحجة مع إفادة تفصيل أمور الدين وبيان أحوال التكليف وتعليم الشرائع . والمعتزلة قالوا : في الآية دلالة على امتناع تكليف ما لا يطاق لأن عدم إرسال الرسل إذا كان يصلح عذراً فبأن يكون عدم القدرة والمكنة صالحاً للعذر أولى وعورض . وأيضاً قالوا : الآية تدل على أن العبد قد يحتج على الرب فيبطل قول أهل السنة إنه لا اعتراض عليه لأحد . وأجيب بأنه يشبه الحجة وليس حجة في الحقيقة .

/خ169