الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (165)

قوله تعالى : " رسلا مبشرين ومنذرين " هو نصب على البدل من " ورسلا قد قصصناهم " ويجوز أن يكون على إضمار فعل ، ويجوز نصبه على الحال ، أي كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده رسلا . " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " فيقولوا ما أرسلت إلينا رسولا ، وما أنزلت علينا كتابا ؛ وفي التنزيل : " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " {[5152]} [ الإسراء : 15 ] ، وقوله تعالى : " ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع{[5153]} آياتك " [ طه : 134 ] وفي هذا كله دليل واضح أنه لا يجب شيء من ناحية العقل . وروي عن كعب الأحبار أنه قال : كان الأنبياء ألفي ألف ومائتي{[5154]} ألف . وقال مقاتل{[5155]} : كان الأنبياء ألف ألف وأربعمائة ألف وأربعة وعشرين ألفا . وروى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( بعثت على أثر ثمانية آلاف من الأنبياء منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل ) ذكره أبو الليث السمرقندي في التفسير له ، ثم أسند عن شعبة عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن أبي ذر الغفاري قال : قلت : يا رسول الله كم كانت الأنبياء وكم كان المرسلون ؟ قال : ( كانت الأنبياء مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي وكان المرسلون ثلاثمائة وثلاثة عشر ) . قلت : هذا أصح ما روي في ذلك . خرجه الآجري وأبو حاتم البستي في المسند الصحيح له .


[5152]:راجع ج 10 ص 230.
[5153]:راجع ج 11 ص 264.
[5154]:في ك: مائة.
[5155]:هذه الرواية نسبها (البحر) و(روح المعاني) إلى كعب الأحبار.