السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (165)

وقوله تعالى :

{ رسلاً } بدل من رسلاً قبله { مبشرين } أي : بالثواب من آمن { ومنذرين } أي : مخوّفين بالعذاب من كفر وقوله تعالى : { لئلا يكون للناس على الله حجة } متعلق بأرسلنا أو بمبشرين ومنذرين أي : حجة فقال : { بعد } إرسال { الرسل } فيقولوا : ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ، فبعثناهم لقطع عذرهم .

فإن قيل : كيف يكون للناس على الله حجة قبل الرسل وهم محجوجون بما نصبه الله تعالى من الأدلة التي النظر فيها يوصل إلى المعرفة ؟ أجيب : بأنّ الرسل ينبهون عن الغفلة وباعثون على النظر في الأدلة فإرسالهم ضروري { وكان الله عزيزاً } في ملكه لا يغلب فيما يريده { حكيماً } في صنعه .

روي أن سعد بن عبادة قال : لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أتعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحبّ إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث المنذرين والمبشرين ولا أحد أحبّ إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد بالجنة ) .