غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡۖ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّيٓ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا لَّآ أُعَذِّبُهُۥٓ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (115)

101

{ منزلها } بالتخفيف والتشديد بمعنى . وقيل : بالتشديد للتكثير وبالتخفيف مرة واحدة { عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين } قال ابن عباس : يريد مسخهم خنازير . وقيل : قردة . وقيل جنساً من العذاب لا يكون مؤخراً إلى الآخرة . { وعذاباً } نصب على المصدر أي تعذيباً والضمير في { لا أعذبه } للمصدر ، ولو أريد بالعذاب ما يعذب به لم يكن بد من الباء في الموضعين ، فقيل : أعذبه بعذاب لا أعذب به أحداً ، وأراد بالعالمين عالمي زمانهم . واختلف في أن عيسى عليه السلام سأل المائدة لنفسه أو سألها لقومه وإن كان أضافها إلى نفسه في الظاهر وكلاهما محتمل . أما نزولها فقد قال مجاهد والحسن : إن المائدة ما نزلت بل القوم لما سمعوا العذاب استغفروا وقالوا : لا نريدها وأكدوا هذا القول بأنه وصف المائدة بكونها عيداً لأولهم وآخرهم ، فلو نزلت لبقي العيد إلى يوم القيامة . وقال جمهور المفسرين : إنها نزلت لأنه سبحانه وعد إنزالها بقوله { إني منزلها عليكم } ثم إن يوم نزولها كان عيداً لهم ولمن بعدهم ممن كان على شرعهم . روي أن عيسى عليه السلام لما أراد الدعاء لبس الصوف ثم قال : اللهم أنزل علينا فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين ، غمامة فوقها وأخرى تحتها ، وهم ينظرون إليها حتى سقطت بين أيديهم فبكى عيسى عليه السلام وقال : اللهم اجعلني من الشاكرين ، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها مثلة وعقوبة . ثم قال لهم : ليقم أحسنكم عملاً يكشف عنها ويذكر اسم الله ويأكل منها ، فقال شمعون رأس الحواريين : أنت أولى بذلك . فقام عيسى عليه السلام فتوضأ وصلى وبكى ثم كشف المنديل وقال : بسم الله خير الرازقين . فإذا سمكة مشوية بلا فلوس ولا شوك تسيل دسماً ، وعند رأسها ملح ، وعند ذنبها خل وحولها من ألوان البقول ما خلا الكراث ، وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون ، وعلى الثاني عسل ، وعلى الثالث سمن ، وعلى الرابع جبن ، وعلى الخامس قديد . فقال شمعون : يا روح الله أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة ؟ قال : ليس منهما ولكن شيء اخترعه الله بالقدرة العالية ، كلوا ما سألتم واشكروا يمددكم الله ويزدكم من فضله . فقال الحواريون : يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية آية أخرى فقال : يا سمكة احيي بإذن الله فاضطربت ثم قال لها : عودي كما كنت فعادت مشوية . ثم طارت المائدة ثم عصوا الله بعدها فمسخوا قردة وخنازير . وقيل إن عيسى عليه السلام كان شرط عليهم أن لا يسرفوا في الأكل ولا يدخروا فعصوا وادخروا فمسخوا .

/خ120