غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (117)

101

«أن » في قوله { أن اعبدوا الله } إن جعلتها مفسرة فالمفسر إما فعل القول أو فعل الأمر ولا وجه لكليهما . أما فعل القول فيحكى بعده الكلام بلا «أن » فيقال : مما قلت لهم إلا اعبدوا الله اللهم إلا أن يقال : إن المضاف محذوف والتقدير ما أمرتني بقوله ، فيكون التفسير الصريح القول المقدر ، وصريح القول المقدّر كالفعل المؤوّل بالقول في عدم الظهور حتى يجوز توسيط «أن » . وأما فعل الأمر فمسند إلى ضمير الله ، فلو فسرته ب { اعبدوا الله } لم يستقم لأن الله لا يقول اعبدوا الله ربي وربكم ، وإن جعلتها مصدرية عند من يجوّز دخولها على الطلبية ، فإن كان بدلاً من { ما أمرتني } والمبدل في حكم السقوط كان المعنى ما قلت لهم إلا عبادته ولا يستقيم ، لأن العبادة لا تقال ، وإن جعلته بدلاً من الهاء في { به } لم يصح أيضاً لأنه يؤل المعنى بعد طرح المبدل إلى قولك إلا ما أمرتني بأن اعبدوا الله فيبقى الموصول بلا عائد . فإذن الوجه أن يحمل فعل القول على معناه فيكون أصل المعنى ما أمرتهم إلا بما أمرتني به حتى يستقيم تفسيره بأن اعبدوا الله ربي وربكم إلا أنه وضع القول موضع الأمر رعاية للأدب كيلا يجعل نفسه وربه آمرين ودل على الأصل بذكر «أن » المفسرة . قال في الكشاف : ويجوز أن تكون «أن » مصدرية عطف بيان للهاء لا بدلاً ، وحينئذ يبقى العائد بحاله { وكنت عليهم شهيداً } كالشاهد على المشهود عليه أمنعهم من التدين بما يوجب التفكير { ما دمت فيهم } مدة دوامي فيما بينهم { فلما توفيتني } بالرفع إلى السماء { كنت أنت الرقيب } الحافظ { عليهم } المراقب لأحوالهم { وأنت على كل شيء شهيد } من الشهادة أو من الشهود بمعنى الحضور .

/خ120