غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحۡنُ أَبۡنَـٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّـٰٓؤُهُۥۚ قُلۡ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ بَلۡ أَنتُم بَشَرٞ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (18)

12

{ نحن أبناء الله وأحباؤه } قيل : عليه أن اليهود لا يقولون ذلك فكيف يجوز نقل ذلك عنهم ؟ وأما النصارى فلا يقولون ذلك في حق أنفسهم . وأجيب بأن المضاف محذوف أي نحن أبناء رسل الله أو أريد إن عناية الله تعالى بحالهم أكمل وأشد من اعتناء الأب بالابن ، أو اليهود زعموا أن عزيراً ابن الله ، والنصارى أن المسيح ابن الله . وقد يقول أقارب الملوك وحشمه نحن الملوك وغرضهم كونهم مختصين بذلك الشخص الذي هو الملك . عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا جماعة من اليهود إلى دين الإسلام وخوفهم بعقاب الله فقالوا : كيف تخوفنا بعقاب الله ونحن أبناء الله أحباؤه ؟ ومما يتلو النصارى في الإنجيل الذي لهم أن المسيح قال لهم : إني ذاهب إلى أبي وأبيكم . ثم إنه سبحانه أبطل عليهم دعواهم بقوله : { قل فلم يعذبكم بذنوبكم } فسئل أن موضع الإلزام هو عذاب الدنيا فحينئذ تمكن المعارضة بوقعة أحد وبقتل أحباء الله كالحسن والحسين عليهما السلام أو عذاب الآخرة . فالقوم ينكرون ذلك ولو كان مجرد إخبار محمد صلى الله عليه وسلم كافياً لكان مجرد إخباره بأنهم كذبوا في ادّعاء أنهم أحباء الله كافياً ويصير الاستدلال ضائعاً . وأجيب بأن محل الإلزام عذاب عاجل ، والمعارضة بيوم أحد ساقطة لأنهم وإن ادعوا أنهم الأحباء لكنهم لم يدعوا أنهم الأبناء . أو عذاب آجل واليهود والنصارى يعترفون بذلك وأنهم تمسهم النار أياماً معدودة . ويمكن أن يقال : المراد مسخهم قردة وخنازير بل هذا الجواب أولى ليكون الاحتجاج عليهم بشيء قد دخل في الوجوه فلا يمكنهم الإنكار .

{ بل أنتم بشر من } جملة { من خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } ليس لأحد عليه حق يوجب أن يغفر له ولا قدرة تمنعه من أن يعذبه ، وباقي الآية تأكيد لهذا المعنى

/خ19