ثم أكد الإعراض عنهم بقوله { وذر الذين } والمراد ترك معاشرتهم وملاطفتهم والمبالاة بهم لا ترك إنذارهم وتخويفهم كقوله { فأعرض عنهم وعظهم } [ النساء : 63 ] وصفهم بوصفين الأوّل أنهم { اتخذوا دينهم لعباً ولهواً } وفيه وجوه : اتخذوا دينهم الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام لعباً ولهواً حيث سخروا به واستهزؤوا ، أو اتخذوا ما هو لعب ولهو يعني عبادة الأوثان وغيرها ديناً لهم ، أو المراد ما كانوا يحكمون به بمجرد التقليد والهوى كتحريم البحائر والسوائب ، أو المراد أن المشركين وأهل الكتاب اتخذوا أعيادهم لعباً ولهواً لا كالمسلمين حيث اتخذوا عيدهم كما شرعه الله تعالى . قال ابن عباس : أو هو إشارة إلى من جعل دين الإسلام وسيلة إلى المناصب والرياسات والغلبة والجلال لا لأنه حق وصدق في نفسه . ويؤكد هذا الوجه الوصف الثاني وهو قوله { وغرتهم الحياة الدنيا } كأنهم أعرضوا عن حقيقة الدين واقتصروا على تزيين الظواهر ليتوسلوا بها إلى حطام الدنيا { وذكر به } أي بالقرآن أو بالدين القويم مخافة { أن تبسل نفس } قال الحسن ومجاهد : أن تسلم إلى الهلاك والعذاب وترتهن بسوء فعلها وأصله المنع فالمسلم إليه وهو العذاب يمنع المسلم ومنه الباسل الشجاع لامتناعه من قرنه . وقال قتادة : تحبس في جهنم . وعن ابن عباس : تفتضح { ليس لها } أي النفس { من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل } إن تفد كل فداء لأن الفادي يعدل المفدى بمثله { لا يؤخذ منها } قال في الكشاف : فاعل { يؤخذ } قوله { منها } لا ضمير العدل لأن العدل هاهنا مصدر فلا يسند إليه الأخذ . وأما في قوله { ولا يؤخذ منها عدل } فبمعنى المفتدى به فصح إسناده . قلت : إن فسر الأخذ بالقبول كما في قوله { ويأخذ الصدقات } [ التوبة : 104 ] ارتفع الفرق . { أولئك } المتخذون { هم الذين أبسلوا بما كسبوا } ثم بين ما به صاروا مرتهنين وعليه محبوسين بقوله { لهم شراب من حميم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.