غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ فِرۡعَوۡنُ ءَامَنتُم بِهِۦ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكۡرٞ مَّكَرۡتُمُوهُ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لِتُخۡرِجُواْ مِنۡهَآ أَهۡلَهَاۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (123)

103

ثم إن فرعون لما رأى أن أعلم الناس بالحسر أقر بنبوّة موسى بمحضر جمع عظيم خاف أن يصير ذلك حجة عليه عند قومه فألقى في الحال شبهة في البين بعدما أنكر عليهم إيمانهم . أما الإنكار فذلك قوله { آمنتم له } من لم يزد حرف الاستفهام فعلى أنه إخبار توبيخاً أي فعلتم هذا الفعل الشنيع ، ومن قرأ بحرف الاستفهام فمعناه الاستبعاد والإنكار . وفي قوله قبل { أن آذن لكم } دلالة على مناقضة فرعون من ادعائه الإلهية لأنه لو كان إلهاً لما جاز أن يأذن لهم في أن يؤمنوا بغيره وهذا من جملة الخذلان والدحوض الذي يظهر على المبطلين . وأما الشبهة فقوله { إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها } أي هذه حيلة احتلتموها أنتم وموسى أو تواطأتم عليها لغرض لكم وهو أن تخرجوا القبط وتسكنوا بني إسرائيل . وروي محمد بن جرير عن السدي في حديث عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم أن موسى وأمير السحرة التقيا فقال له موسى : أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق ؟ فقال الساحر : لآتين غداً بسحر لا يغلبه سحر وإن غلبتني لأومنن بك ، وفرعون ينظر إليهما ويسمع فلذلك زعم التواطؤ { فسوف تعلمون } وعيد إجمالي وتفصيله { لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف }.

/خ156