غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَإِذَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَٰذِهِۦۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓۗ أَلَآ إِنَّمَا طَـٰٓئِرُهُمۡ عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (131)

127

فلهذا حكى عن فرعون وقومه { فإذا جاءتهم الحسنة } قال ابن عباس : أي العشب والخصب والمواشي والثمار وسعة الرزق والعافية والسلامة { قالوا لنا هذه } أي نحن مخصوصون بذلك ولم نزل في الرفاهية والنعمة وهكذا عادة الزمان فينا ولم يعلموا أنها من الله فيشكروه عليها ويقوموا بحق نعمته { وإن تصبهم سيئة } أضداد ما ذكرنا { يطيروا } يتشاءموا بموسى ومن معه . وأصله يتطيروا فأدغم التاء في الطاء لقرب مخرجهما وإنما عرفت الحسنة وخصت ب { إذا } ونكرت السيئة وقرنت ب { أن } لأن جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته وشموله وأما السيئة فوقوعها نادر مشكوك فيه ولهذا قيل لقد عددت أيام البلاء فهل عددت أيام الرخاء ؟ { ألا إنما طائرهم عند الله } قال الأزهري : يقال للشؤم طائر وطيرة . وعن ابن عباس : طائرهم ما قضى عليهم وقدر لهم ومنه قول العرب طار له سهم كذا أي حصل ووقع ذلك في حظه . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير لأن الفأل الكلمة الحسنة والتطير عيافة الطير . قال الإمام فخر الدين الرازي : وذلك لأن الأرواح الإنسانية أقوى وأصفى من الأرواح البهيمية فيمكن الاستدلال بالأول على بعض الخفيات بخلاف الثاني . ومعنى الآية أن كل ما يصيبهم من خير أو شر فهو بقضاء الله وبتقديره { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أن الكل رهين بمشيئته وتقديره فيقولون هذا بيمن فلان أو بشؤمه . وقد تشاءمت اليهود بالنبي صلى الله عليه وسلم وآله في المدينة فقالوا : غلت أسعارنا وقلت أمطارنا مذ أتانا . قال في الكشاف : ويجوز أن يكون معناه ألا إنما سبب شؤمهم عند الله وهو عملهم المكتوب عنده الذي يجري عليهم ما يسوءهم لأجله ويعاقبون له بعد موتهم .

/خ141