نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالَ فِرۡعَوۡنُ ءَامَنتُم بِهِۦ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكۡرٞ مَّكَرۡتُمُوهُ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لِتُخۡرِجُواْ مِنۡهَآ أَهۡلَهَاۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (123)

ولما صرحوا بالذي آمنوا به تصريحاً منع فرعون أن يدلس معه بما يخيل به على قومه ، شرع في تهديدهم على وجه يمكر فيه بقومه ويلبس عليهم إيقافاً لهم عن المبادرة إلى الإيمان - كما بادر السحرة - إلى وقت ما ، فاستأنف الخبر عنه سبحانه بقوله مصرحاً باسمه غير مضمر له كما في غير هذه السورة لأن مقصود السورة الإنذار ، وهو أحسن الناس بالمناداة عليه في ذلك المقام ، وقصته مسوفة لبيان فسق الأكثر ، وهو أفسق أهل ذلك العصر{[32942]} : { قال{[32943]} فرعون } منكراً عليهم موبخاً لهم{[32944]} بقوله : { آمنتم } أي صدقتم { به } أي بموسى تصديقاً آمنه من رجوعكم عنه ، ومن أخبر أراد الاستفهام ، وأوهم فرعون من فهم عنهم من القبط إرادة الإيمان لأجل ما رأوا من دلائل صدق موسى عليه السلام واقتداء بالسحرة بقوله : { قبل أن آذن لكم } ليوقفهم من خطر المخالفة له بما رجاهم فيه من إذنه ، فلما ظن أنهم وقفوا خيلهم بما يذهب عنهم ذلك الخاطر أصلاً ورأساً بقوله مؤكداً نفياً لما على قوله من لوائح الكذب{[32945]} : { إن هذا لمكر } أي عظيم جداً ، وطول الكلام تبييناً لما {[32946]}أرادوا وتنسية{[32947]} لخاطر الإيمان فقال : { مكرتموه في المدينة } أي على ميعاد بينكم وبين موسى ، وحيلة احتلتموها قبل اجتماعكم ، وليس إيمانكم{[32948]} لأن صدقه ظهر لكم ؛ ثم علل بما يتعلق{[32949]} به فكرهم وتشوش{[32950]} قلوبهم فقال : { لتخرجوا } أي أنتم وموسى عليه السلام { منها أهلها } وتسكنوها{[32951]} أنتم وبنو إسرائيل .

ولما استتب له ما أراد من دقيق المكر ، شرع في تهديدهم بما يمنع غيرهم وربما ردهم ، فقال مسبباً عن ذلك : { فسوف تعلمون* } أي بوعد لا خلف فيه ما أفعل بكم {[32952]}من عذاب لا يحتمل ،


[32942]:-زيد ما بين الحاجزين من ظ.
[32943]:- زيد بعده في الأصل: إلى، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها.
[32944]:- زيد ما بين الحاجزين من ظ.
[32945]:زيد ما بين الحاجزين من ظ.
[32946]:-في ظ: أراد وتغشية-كذا.
[32947]:-في ظ: أراد وتغشية-كذا.
[32948]:-سقط من ظ.
[32949]:-في ظ: أراد وتغشية.
[32950]:- من ظ، وفي الأصل: يعلق.
[32951]:- في ظ: يشوش
[32952]:- في ظ: تسكنونها.