غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَكَيۡفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرۡتُمۡ يَوۡمٗا يَجۡعَلُ ٱلۡوِلۡدَٰنَ شِيبًا} (17)

1

ثم عاد إلى توبيخهم مرة بعد أخرى قائلاً { فكيف تتقون إن كفرتم يوماً } وانتصب { يوماً } على أنه مفعول به { لتتقون } أي كيف تحذرون ذلك اليوم لو كفرتم أي إن جحدتم يوم الجزاء فكيف تدعون تقوى الله وخوف عقابه ؟ ويجوز أن يكون ظرفاً { لتتقون } أي فكيف لكم بالتقوى يوم القيامة إن كفرتم في الدنيا ؟ ثم ذكر من هول ذلك اليوم شيئين : الأول أنه يجعل الولدان شيئاً جمع أشيب نحو بيض جمع أبيض فقيل : إنه وصفه بالطول بحيث يبلغ الأطفال فيه أوان الشيخوخة والشيب . والأكثرون على أنه مثل في الشدة كما قيل " يوم يشيب نواصي الأطفال " والأصل فيه قول الحكماء إن الهموم والأحزاب تسرع الشيب لاقتضائهما احتباس الروح إلى داخل القلب المستتبع لانطفاء الحرارة الغريزية المستعقب لفجاجة الأخلاط واستيلاء البلغم المتكرج . وليس المراد أن هول ذلك اليوم يجعل الولدان شيباً حقيقة لأن إيصال الألم والخوف إلى الصبيان غير جائز . وجوزه بعضهم بناء على أن ذلك اليوم أمر غير داخل تحت التكليف وقد حكي أن رجلاً أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب وأصبح وهو أبيض الرأس واللحية فقال : أرأيت القيامة والنار في المنام ورأيت الناس يقادون في السلاسل إلى النار ، فمن هول ذلك وأصبحت كما ترون .

/خ20