الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمٗا مَّقۡضِيّٗا} (71)

{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } قيل : في الآية اضمار مجازه : والله إنْ منكم يعني ما منكم من أحد ألاّ واردها يعني النار ، واختلف الناس في معنى الورود حسب اختلافهم في الوعيد ، فأمّا الوعيد فإنّهم قالوا : إنّ من دخلها لم يخرج منها ، وقالت المرجئة : لا يدخلها مؤمن ، واتّفقوا على أنّ الورود هو الحضور والمرور ، فأمّا أهل السنّة فإنّهم قالوا : يجوز أن يعاقب الله سبحانه العصاة من المؤمنين بالنار ثم يخرجهم منها ، وقالوا : معنى الورود الدخول ، واحتجّوا ، بقول الله سبحانه حكاية عن فرعون

{ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ } [ هود : 98 ] وقال في الأصنام وعبدتها

{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [ الأنبياء : 98 ]

{ لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا } [ الأنبياء : 99 ] فلو لم يكن الورود في هذه الآيات بمعنى الدخول لوجب أن يدخل الأصنام وعبدتها وفرعون وقومه الجنّة لأن من مرَّ على النار فلابّد له من الجنّة لأنه ليس بعد الدنيا دار إلاّ الجنّة أو النار ، والذي يدلّ على أنّ الورود هو الدخول قوله في سياق الآية { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَواْ }