الآية 71 : وقوله تعالى : { وإن منكم إلا واردها } اختلف فيه : قال بعضهم : الآية في الكفرة خاصة ، واستدل بأول الآية بقوله : { فوربك لنحشرنهم والشياطين } [ مريم : 68 ، . . . ] إلى آخر ما ذكر . والمؤمنون لا يحشرون مع الشياطين ، ولكن إنما يحشر الكفار مع الشياطين كقوله : { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون } { من دون الله } الآية [ الصافات : 22 و23 ] . ويكون قوله { ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } على ابتداء منع الورود عليها والنجاة منها .
وقال بعضهم : الآية في المؤمنين والكافرين جميعا . لكن اختلف في الورود ، وقال بعضهم : الورود الحضور دون الدخول لأن الله عز وجل أخبر أن من أدخل النار فقد أخزاه بقوله : { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } [ آل عمران : 192 ] . وقال بعضهم : الورود الدخول فيها ، واستدل بقوله : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } [ الأنبياء : 98 ] وبقوله : { يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار } الآية ( هود : 98 ) يقول : يدخل الفريقان جميعا فيها ، لكنها تصير جامدة وبردا على المؤمنين على ما صارت { بردا وسلاما على إبراهيم } [ الأنبياء : 69 ] ثم تصير حارة محرقة للكفار والظلمة .
قال الحسن : لا يحتمل أن يدخل أهل الإيمان النار لأن الله عز وجل ، أمن المؤمنين أن يكون عليهم خوف أو حزن بقوله : { فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } [ البقرة : 38 ، . . . ] فلوا كانوا يدخلون النار لكان لهم خوف وحزن . وقد أخبر أن لا { خوف عليه ولا هم يحزنون } دل أنهم لا يدخلون .
وجائز أن يكونوا واردين جميعا داخلين فيها ، لا دخول تعذيب فيها وعقاب ، لأنه ذكر أن ممرهم جميعا على الصراط لجهنم كالسطح للدار . ومن حلف ألا يدخل دارا ، فتسور بسورها ، أو صعد سطحا من سطوحها ، حنث ، ويصير داخلا فيها . فعلى ذلك جائز أنهم إذا مروا على الصراط نجا أهل الإيمان ، فمروا به ، وزلت أقدام الكفار فيها . فكان الفريقان جميعا يوصفون بالدخول على /327-أ/ الوجه الذي وصفنا .
وقال بعضهم : ورود المسلمين المرور بهم على الجسر بين أظهرها ، وورود{[12061]} المشركين أن يدخلوها . وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( الزالون والزالات ) {[12062]} . وما ذكر الحسن أنه من المؤمنين ألا يكون عليهم خوف ولا حزن ، فجائز أن يكون الله يدخلهم فيها غير جهة العقوبة ، فلا يكون لهم خوف ولا حزن .
ألا ترى أنه أخبر أنه جعل الملائكة أصحاب النار في قوله : { وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة } [ المدثر : 31 ] ثم لا يكون لهم خوف ولا حزن ؟ وهم مما أوعدوا بها إذا خالفوا أمر الله ، وعصوه ، بقوله : { ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم } الآية [ الأنبياء : 29 ] . وهم في الدنيا إذا اطلعوا عليها ، لا شك أنهم يخافون ، ويحزنون ، ويسوؤهم ذلك أشد الخوف ، ثم في الآخرة لا .
فعلى ذلك جائز أن يكونوا يردونها ، ويدخلونها ، ولا يخيفهم ذلك ، ولا يحزنهم ، ولا يسوؤهم ، والله أعلم بذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.