قوله : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ } : في هذه الواوِ وجهان ، أحدهما : أنها عاطفةٌ هذه الجملةَ على ما قبلَها . وقال ابن عطية " { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } قَسَمٌ والواو تَقْتَضيه ، ويُفَسِّره قولُ النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ ماتَ له ثلاثٌ من الولد لم تَمَسَّه النار إلا تَحِلَّة القسمِ " قال الشيخ : " وذَهِلَ عن قولِ النحويين إنه لا يُستغنى عن القسمِ بالجواب لدلالةِ المعنى ، إلا إذا كان الجوابُ باللامِ أو ب " إنْ " والجوابُ هنا على زَعْمه ب " إنْ " النافيةِ فلا يجوز حَذْفُ القسم على ما نَصُّوا . وقوله : " والواو تَقْتَضِيه " يدلُّ على أنها عنده واوُ القسم ، ولا يذهبُ نحويٌ إلى أنَّ مِثْلَ هذه الواوِ واوُ قسمٍ لأنه يلزمُ مِنْ ذلك حَذْفُ المجرورِ وإبقاءُ الجارِّ ، ولا يجوز ذلك إلا إنْ وَقَعَ في شعرٍ أو نادرِ كلامٍ بشرط أن تقومَ صفةُ المحذوف مَقامَه ، كما أوَّلوا في قولهم : " نِعْمَ السيرُ على بئسَ العَيْرُ " ، أي : على عَيْرٍ بئسَ العَيْرُ ، وقولِ الشاعر :
واللهِ ما ليلى بنامِ صاحِبُهْ ***
أي : برجلٍ نام صاحبُهْ ، وهذه الآيةُ ليست من هذا الضَّرْبِ ؛ إذ لم يُحْذَفِ المُقْسَمُ به وقامَتْ صفتُه مَقامَه " .
و " إنْ " حرفُ نفيٍ ، و " منكم " صفةٌ لمحذوفٍ تقديرُه : وإنْ أحدٌ منكم . ويجوز أن يكونَ التقديرُ : وإن منكم إلا مَنْ هو وارِدُها . وقد تقدَّم لذلك نظائرُ .
والخطابُ في قولِه " منكمْ " يَحْتمل الالتفاتَ وعدمَه . قال الزمخشري : " التفاتٌ إلى الإِنسان ، ويَعْضُدُه قراءةُ ابن عباس وعكرمةَ " وإنْ منهم " أو خطابٌ للناس مِنْ غير التفاتٍ إلى المذكور " .
والحَتْمُ : القضاءُ والوجوبُ . حَتَمَ ، أي : أوجب [ وحَتَمَه ] حتماً ، ثم يُطلق الحتم على الأمر المحتوم مقوله تعالى : " هذا خَلْقُ الله " و " هذا دِرْهَمٌ ضَرْبُ الأميرِ " . و " على ربِّك " متعلِّقٌ ب " حَتْم " لأنه في معنى اسمِ المفعول ، ولذلك وصَفَه ب " مَقْضِيَّاً " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.