مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا} (74)

{ والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا } «من » للبيان كأنه قيل : هب لنا قرة أعين . ثم بينت القرة وفسرت بقوله من أزواجنا { وذرّيّاتنا } ومعناه أن يجعلهم الله لهم قرة أعين وهو من قولهم «رأيت منك أسداً » أي أنت أسد ، أو للابتداء على معنى هب لنا من جهتهم ما تقربه عيوننا من طاعة وصلاح { وذريتنا } أبو عمر وكوفي غير حفص لإرادة الجنس وغيرهم { ذرياتنا } { قرّة أعينٍ } وإنما نكر لأجل تنكير القرة لأن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا بتنكير المضاف إليه كأنه قال : هب لنا منهم سروراً وفرحاً . وإنما قيل { أعين } على القلة دون «عيون » لأن المراد أعين المتقين وهي قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم قال الله تعالى : { وقليل من عبادى الشكور } [ سبأ : 13 ] ويجوز أن يقال في تنكير { أعين } إنها أعين خاصة وهي أعين المتقين ، والمعنى أنهم سألوا ربهم أن يرزقهم أزواجاً وأعقاباً عمالاً لله تعالى يسرون بمكانهم وتقر بهم عيونهم . وقيل : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله تعالى . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هو الولد إذا رآه يكتب الفقه { واجعلنا للمتّقين إماماً } أي أئمة يقتدون بنا في الدين فاكتفى بالواحد لدلالته على الجنس ولعدم اللبس ، أو واجعل كل واحد منا إماماً . قيل : في الآية ما يدل على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها .