غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا} (74)

51

قوله { من أزواجنا } " من " للبيان وتسمى في علم البيان تجريدية كأنه قيل : هب لنا قرة أعين ، ثم فسرت القرة بالأزواج والذرية كقولهم " رأيت منك أسداً " أي أنت أسد . ويجوز أن تكون ابتدائية على معنى هب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا لا في الأمور الدنيوية من الجاه والمال والجمال بل في الأمور الأخروية من الطاعة والصلاح . عن محمد بن كعب : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله . وعن ابن عباس : هو الولد إذا رآه يكتب الفقه . وقيل : سألوا أن يلحق الله عز وجل بهم أولادهم وأزواجهم في الجنة ليتم لهم سرورهم . وتنكير أعين إما لأنه أراد أعيناً مخصوصة هي أعين المتقين ولهذا اختير جمع القلة لأن أعين المتقين قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم { وقليل من عبادي الشكور } [ سبأ : 13 ] وإما لأجل تنكير القرة فإن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا بتنكير المضاف إليه أي هب لنا منهم سروراً وفرحاً . قال الزجاج : يقال أقر الله عينك أي صادف فؤادك ما يحبه . وقال المفضل : في قرة العين ثلاثة أقوال أحدها : برد دمعها لأنه دليل السرور والضحك كما أن حره دليل الحزن والغم . والثاني قرتها أن تكون مع فراغ الخاطر وذهاب الحزن . والثالث حصول الرضا . وقوله { إماماً } في معنى الجمع اكتفى به لدلالته على الجنس ولعدم اللبس كما قال : { يخرجكم طفلاً } [ غافر : 67 ] أو أريد كل واحد منا أو اجعلنا إماماً واحداً لاتحاد كلمتنا ، أو هو جمع آمّ كصائم وصيام وصاحب وصحاب . وقيل : في الآية دلالة على أن الرياسة يجب أن تطلب ويرغب فيها والأقرب أنهم سألوا الله أن يبلغهم في الطاعة المبلغ الذي يشار إليهم ويقتدى بهم . ومن هنا فسره القفال بأن المراد اجعلنا حجة للمتقين . قالت الأشاعرة : الإمامة في الدين لا تكون إلا بالعلم والعمل فدل ذلك على أن العلم والعمل بل جميع أفعال العباد مخلوقة لله تعالى . وقالت المعتزلة : إنهم سألوا من الألطاف ما بها يختارون أفعال الخير إلى أن يصيروا أئمة . وأجيب بأن تلك الألطاف مفعولة لا محالة فيكون سؤالها عبثاً .

/خ77