{ والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أزواجنا وذرياتنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } بتوفيقهم للطَّاعةِ وحيازة الفضائلِ فإنَّ المؤمنَ إذا ساعده أهلُه في طاعةِ الله عزَّ وجلَّ وشاركوه فيها يُسرُّ بهم قلبُه وتقرُّ بهم عينُه لما يشاهدُه من مشايعتهم له في مناهجِ الدِّينِ وتوقُّعِ لحوقِهم به في الجنَّة حسبما وعد بقوله تعالى : { أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ } [ سورة الطور ، الآية21 ] ومِن ابتدائيةٌ أو بيانيةٌ وقرئ وذريتِنا . وتنكيرُ الأعينِ لإرادة تنكيرِ القُرَّة تعظيماً . وتقليلُها لأنَّ المرادَ أعينُ المتَّقين ولا ريبَ في قلَّتِها نظراً إلى غيرِها { واجعلنا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } أي اجعلنا بحيثُ يقتدون بنا في إقامة مراسم الدِّين بإفاضة العلم والتَّوفيقِ للعمل . وتوحيدُه للدِّلالة على الجنس وعدم الالتباس كقوله تعالى : { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } [ سورة غافر ، الآية27 ] أو لأنَّ المرادَ واجعلْ كلَّ واحدٍ مَّنا إماماً أو لأنَّهم كنفس واحدةٍ لاتِّحاد طريقتهم واتِّفاق كلمتِهم كذا قالُوا . وأنت خبيرٌ بأن مدارَ الكلِّ صدورُ هذا الدُّعاء إما عن الكلِّ بطريق المعيَّةِ وأنَّه محالٌ لاستحالة اجتماعِهم في عصرٍ واحدٍ فما ظنُّك باجتماعهم في مجلسٍ واحدٍ واتِّفاقِهم على كلمةٍ واحدةَ وإما عن كلَّ واحدٍ بطريق تشريك غيره في استدعاءِ الإمامةِ وأنَّه ليس بثابتٍ جَزْماً بل الظَّاهرُ صدورُه عنهم بطريقِ الانفرادِ وأنَّ عبارةَ كلِّ واحدٍ منهم عند الدُّعاء واجعلني للمتَّقين إماماً خلا أنه حُكيت عباراتُ الكلِّ بصيغة المتكلِّم مع الغيرِ للقصدِ إلى الإنجاز على طريقة قوله تعالى : { يا أَيُّهَا الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات واعملوا صالحا } [ سورة المؤمنون ، الآية51 ] وأُبقي إماماً على حاله ، وقيل : الإمام جمع آمَ بمعنى قاصد كصيام جمع صائم ومعناه قاصدين لهم مُقتدين بهم . وإعادةُ الموصولِ في المواقع السَّبعةِ مع كفايةِ ذكرِ الصِّلات بطريقِ العطفِ على صلةِ الموصولِ الأولِ للإيذانِ بأنَّ كلَّ واحدٍ مما ذُكر في حيَّزِ صلةِ الموصولاتِ المذكورة وصفٌ جليلٌ على حيالهِ شأنٌ خطيرٌ حقيقٌ بأنْ يُفردَ له موصوفٌ مستقلٌّ ولا يجعل شيءٌ من ذلكَ تتمة لغيرهِ وتوسيط العاطفِ بين الموصولاتِ لتنزيلِ الاختلافِ العنوانيِّ منزلةَ الاختلاف الذاتيِّ كما في قوله : [ المتقارب ]
إلى الملكِ القَرمِ وابنِ الهُمَام *** وَلَيْثِ الكَتَائبِ في المُزْدَحمْ{[600]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.