الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا} (74)

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } قال : يعنون من يعمل بالطاعة فتقر به أعيننا في الدنيا والآخرة . { واجعلنا للمتقين إماماً } قال : أئمة هدى يهتدى بنا ، ولا تجعلنا أئمة ضلالة لأنه قال لأهل السعادة { وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا } [ الأنبياء : 73 ] ولأهل الشقاوة { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار } [ القصص : 41 ] .

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } قال : لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالاً ، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين .

وأخرج ابن المبارك في البر والصلة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن الحسن أنه سئل عن هذه الآية { هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } أهذه القرة أعين في الدنيا أم في الآخرة ؟ قال : لا والله بل في الدنيا . قيل : وما هي ؟ قال : هي أن يرى الرجل المسلم من زوجته ، من ذريته ، من أخيه ، من حميمه ، طاعة الله ولا والله ما شيء أحب إلى المرء المسلم من أن يرى ولداً ، أو والداً ، أو حميماً ، أو أخاً مطيعاً لله .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } قال : يحسنون عبادتك ولا يجرون عليها الجرائر { واجعلنا للمتقين إماماً } قال : اجعلنا مؤتمين بهم مقتدين بهم .

وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن المقداد بن الأسود قال : لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها نبياً من الأنبياء في قومه من جاهلية ، ما يرون أن ديناً أفضل من عبادة الأوثان ، فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل ، وفرق به بين الوالد وولده ، حتى إن كان الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافراً وقد فتح الله قفل قلبه بالإِيمان ويعلم أنه إن هلك دخل النار ، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار . إنها للتي قال الله { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } .

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ « هب لنا من أزواجنا وذريتنا واحدة » .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { واجعلنا للمتقين إماماً } يقول : قادة في الخير ودعاة وهداة يؤتم بهم في الخير .

وأخرج الفريابي عن أبي صالح في قوله { واجعلنا للمتقين إماماً } قال : أئمة يقتدى بهدانا والله تعالى أعلم .