الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا} (74)

{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا } بغير ألف أبو عمرو وأهل الكوفة ، الباقون : ذّرياتنا بالألف { قُرَّةَ أَعْيُنٍ } بأن يراهم مؤمنين صالحين مطيعين لك ، ووحّد قرّة لأنها مصدر ، وأصلها من البرد لأنّ العرب تتأذّى بالحر وتستروح إلى البرد .

{ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } أي أئمة يقتدى بها . قال ابن عباس : اجعلنا أئمة هداية كما قال

{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } [ الأنبياء : 73 ] ولا تجعلنا أئمة ضلالة كقوله

{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ } [ القصص : 41 ] .

قتادة : هُداة دعاة خير .

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن يوسف الفقيه قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن حمدون ابن خالد قال : حدّثني أبو جعفر أحمد بن عبد الله العازي الطبري المعروف بابن فيروز قال : حدّثنا الحكم بن موسى قال : حدّثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرَّحْمن بن زيد بن جابر عن مكحول في قول الله عزَّ وجل { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } قال : أئمّة في التّقوى يقتدي بها المتّقون ، وقال بعضهم : هذا من المقلوب واجعل المتّقين لنا إماماً واجعلنا مؤتمّين مقتدين بهم ، وهو قول مجاهد ، ولم يقل أئمة لأنّ الإمام مصدر ، يقال : أمّ فلان فلاناً مثل الصيام والقيام ، ومَن جعله أئمة فلأنّه قد كثر حتى صار بمعنى الصفة .

وقال بعضهم : أراد أئمة كما يقول القائل : أميرنا هؤلاء يعني أمراؤنا ، وقال الله سبحانه عزّ وجلّ

{ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي } [ الشعراء : 77 ] ، وقال الشاعر :

يا عاذلاتي لا تزدن ملامتي *** إنّ العواذل لسن لي بأمين

أي أمناء .