{ والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أزواجنا وذرياتنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } من ابتدائية ، أو بيانية . قرأ نافع وابن كثير وابن عباس والحسن : { وذرّياتنا } بالجمع ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وطلحة وعيسى : { وذرّيتنا } بالإفراد ، والذرّية تقع على الجمع ، كما في قوله : { ذُرّيَّةً ضعافا } [ النساء : 9 ] ، وتقع على الفرد كما في قوله : { ذُرّيَّةً طَيّبَةً } [ آل عمران : 38 ] ، وانتصاب { قرّة أعين } على المفعولية ، يقال : قرّت عينه قرة . قال الزجاج : يقال أقرّ الله عينك : أي صادف فؤادك ما يحبه ، وقال المفضل : في قرّة العين ثلاثة أقوال : أحدها برد دمعها ، لأنه دليل السرور والضحك ، كما أن حرّه دليل الحزن والغمّ . والثاني : نومها ، لأنه يكون مع فراغ الخاطر ، وذهاب الحزن ، والثالث : حصول الرضا { واجعلنا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } أي قدوة يقتدى بنا في الخير ، وإنما قال : { إماماً } ، ولم يقل أئمة ، لأنه أريد به الجنس ، كقوله : { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } [ الحج : 5 ] قال الفراء : قال { إماماً } ، ولم يقل أئمة ؛ كما قال للاثنين : { إِنَّا رَسُولُ رَبّ العالمين } [ الشعراء : 16 ] يعني أنه من الواحد الذي أريد به الجمع . وقال الأخفش : الإمام جمع أمّ من أمّ يأمّ ، جمع على فعال ، نحو صاحب وصحاب ، وقائم وقيام . وقيل إن إماماً مصدر ، يقال : أمّ فلان فلاناً إماماً ، مثل الصيام والقيام . وقيل أرادوا : اجعل كل واحد منا إماماً ، وقيل أرادوا : اجعلنا إماماً واحداً لاتحاد كلمتنا ، وقيل إنه من الكلام المقلوب ، وأن المعنى : واجعل المتقين لنا إماماً ، وبه قال مجاهد . وقيل : إن هذا الدعاء صادر عنهم بطريق الانفراد ، وأن عبارة كل واحد منهم عند الدعاء : واجعلني للمتقين إماماً ، ولكنها حكيت عبارات الكل بصيغة المتكلم مع الغير لقصد الإيجاز كقوله : { ياأَيُّهَا الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات واعملوا صالحا } [ المؤمنون : 51 ] ، وفي هذا إبقاء { إماماً } على حاله ، ومثل ما في الآية قول الشاعر :
يا عاذلاتي لا تزدن ملامتي *** إن العواذل ليس لي بأمين
أي أمناء . قال القفال : وعندي أن الإمام إذا ذهب به مذهب الاسم وحد كأنه قيل : اجعلنا حجة للمتقين ، ومثله البينة : يقال هؤلاء بينة فلان . قال النيسابوري : قيل في الآية دلالة على أن الرياسة الدينية مما يجب أن تطلب ويرغب فيها ، والأقرب أنهم سألوا الله أن يبلغهم في الطاعة المبلغ الذي يشار إليهم ويقتدى بهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.