الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا} (74)

قال علماؤنا : يعني الذين إذا قرأوا القرآن قرأوه بقلوبهم قراءةَ فهم وَتَثْبِيتٍ ، ولم يَنْثِرُوه الدَّقَلِ ، فإنَّ المرور عليه بغير فهم ولا تثبيت صَمَمٌ وعَمًى انتهى .

وقُرَّةُ العين : من القر وهذا هو الأشهر لأَنَّ دمعَ السرور بارد ، ودَمْعَ الحُزْنِ ساخنٌ فلهذا يقال : أَقَرَّ اللّه عينك ، وأسخن اللّه عين العَدُوِّ ، وقرة العين في الأزواج والذُّرِّيَّةِ أَنْ يراهم الإنسان مطيعين للَّه تعالى قاله ابن عباس والحسن وغيرهما ، وبَيَّن المقداد بن الأسود الوجه من ذلك بأنَّه كان في أوَّلِ الإسلام يهتدي الأبُ ، والابن كافِرٌ ، والزوجُ والزوجة كافرة ، فكانت قرة أعينهم في إيمان أحبابهم .

{ واجعلنا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } [ الفرقان : 74 ] .

أي : اجعلنا يَأْتَمُّ بنا المتقون ، وذلك بأن يكون الداعي متقيا قدوة وهذا هو قصد الداعي ، قال النخعي لم يطلبوا الرياسة ، بل أنْ يكونوا قدوة في الدين ، وهذا حَسَنٌ أَنْ يُطْلَبَ وَيُسْعَى له ،

قال الثعلبي : قال ابن عباس : المعنى : واجعلنا أئمة هدى انتهى . وهو حسن ، لأَنَّهُم طلبوا أن يجعلهم أهلاٌ لذلك .

و{ الغرفة } [ الفرقان : 75 ] من منازل الجنة وهي الغرف فوق الغرف ، وهي اسم جنس ؛ كما قال : [ من الهزج ]

وَلَوْلاً الْحَبَّةُ السَّمْرَا *** ءُ لَمْ نَحْلُلْ بِوَاديَكُم

( ت ) : وأخرج أبو القاسم ، زاهر بن طاهر بن محمد بن الشحامي عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ فِي الجَنَّةِ لَغُرَفاً لَيْسَ لَهَا مَعَالِيقُ مِنْ فَوْقِهَا وَلاَ عِمَادٌ مِنْ تَحْتِهَا ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللّه ، وَكَيْفَ يَدْخُلُهَا أَهْلُهَا ؟ قال : يَدْخُلُونَهَا أَشْبَاهَ الطَّيْرِ ، قيل : هِيَ يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَنْ ؟ قال : هِيَ لأَهْلِ الأَسْقَامِ وَالأَوْجَاعِ وَالْبَلْوَى ) انتهى من «التذكرة » . وقرأ حمزة وغيره : «يَلْقَوْنَ » بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف .