مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ فِيمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (55)

{ إِذْ قَالَ الله } ظرف لمكر الله { يا عيسى إِنّي مُتَوَفّيكَ } أي مستوفي أجلك ومعناه أني عاصمك من أن يقتلك الكفار ومميتك حتف أنفك لا قتلاً بأيديهم { وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } إلى سمائي ومقر ملائكتي { وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذين كَفَرُواْ } من سوء جوارهم وخبث صحبتهم .

وقيل : متوفيك قابضك من الأرض من توفيت مالي على فلان إذا استوفيته ، أو مميتك في وقتك بعد النزول من السماء ورافعك الآن ، إذ الواو لا توجب الترتيب . قال النبي عليه السلام « ينزل عيسى خليفة على أمتي يدق الصليب ويقتل الخنازير ويلبث أربعين سنة ، ويتزوج ويولد له ثم يتوفى ، وكيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها والمهدي من أهل بيتي وفي وسطها » أو متوفي نفسك بالنوم ورافعك وأنت نائم حتى لا يلحقك خوف وتستيقظ وأنت في السماء آمن مقرب { وَجَاعِلُ الذين اتبعوك } أي المسلمين لأنهم متبعوه في أصل الإسلام وإن اختلفت الشرائع دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من اليهود والنصارى { فَوْقَ الذين كَفَرُواْ } بك { إلى يَوْمِ القيامة } يعلونهم بالحجة وفي أكثر الأحوال بها وبالسيف { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } في الآخرة { فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * } .