مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

{ وَهُوَ الذى يَبْدَأُ الخلق } أي ينشئهم { ثُمَّ يُعِيدُهُ } للبعث { وَهُوَ } أي البعث { أَهْوَنُ } أيسر { عَلَيْهِ } عندكم لأن الإعادة عندكم أسهل من الإنشاء فلم أنكرتم الإعادة ، وأخرت الصلة في قوله { وهو أهون عليه } وقدمت في قوله : { وَهُوَ عَليَّ هَيّنٌ } [ مريم : 9 ] لقصد الاختصاص هناك ، وأما هنا فلا معنى للاختصاص . وقال أبو عبيدة والزجاج وغيرهما الأهون بمعنى الهين فيوصف به الله عز وجل وكان ذلك على الله يسيراً كما قالوا : الله أكبر أي كبير ، والإعادة في نفسها عظيمة ولكنها هونت بالقياس إلى الإنشاء ، أو هو أهون على الخلق من الإنشاء لأن قيامهم بصيحة واحدة أسهل من كونهم نطفاً ثم علقاً ثم مضغ إلى تكميل خلقهم { وَلَهُ المثل الأعلى فِى السماوات والأرض } أي الوصف الأعلى الذي ليس لغيره وقد عرف به ووصف في السماوات والأرض على ألسنة الخلائق وألسنة الدلائل ، وهو أنه القادر الذي لا يعجز عن شيء من إنشاء وإعادة وغيرهما من المقدورات ويدل عليه قوله { وَهُوَ العزيز } أي القاهر لكل مقدور { الحكيم } الذي يجري كل فعل على قضايا حكمته وعلمه . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : المثل الأعلى { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء وَهُوَ السميع البصير } [ الشورى : 11 ] .