الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا} (36)

قوله : { أَن يَكُونَ } : هو اسمُ كان . والخبرُ الجارُّ متقدمٌ . وقوله : { إِذَا قَضَى اللَّهُ } يجوزُ أن يكونَ مَحْضَ ظَرْفٍ معمولُه الاستقرار الذي تَعَلَّق به الخبرُ أي : وما كان مستقِرّاً لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ وقتَ قضاءِ اللَّهِ كَوْنُ خِيَرَةٍ ، وأَنْ تكونَ شرطيةً ، ويكونُ جوابُها مقدراً مدلولاً عليه بالنفيِ المتقدمِ .

وقرأ الكوفيون وهشام " يكونَ " بالياءِ من أسفلِ ؛ لأنَّ " الخِيَرَة " مجازيُّ التأنيثِ ، وللفصلِ أيضاً . والباقون بالتاء من فوقُ مراعاةً للفظِها . وقد تقدَّم أنَّ الخِيَرَةَ مصدرُ تَخَيَّر كالطِّيَرَة مِنْ تَطَيَّر . ونَقَل عيسى بن سليمان أنه قُرِئَ " الخِيْرَة " . بسكون الياء . و " مِنْ أمرِهم " حالٌ من " الخِيَرة " وقيل : " من " بمعنى في . وجَمَعَ الضمير في " أمرِهم " وما بعده ؛ لأنَّ المرادَ بالمؤمن والمؤمنة الجنسُ . وغلَّب المذكرَ على المؤنث . وقال الزمخشري : " كان مِنْ حَقِّ الضميرِ أن يُوَحَّد كما تقول : ما جاءني مِنْ رجلٍ ولا امرأة ، إلاَّ كان مِنْ شأنه كذا " . قال الشيخ : " وليس بصحيحٍ ؛ لأنَّ العطفَ بالواوِ فلا يجوزُ ذلك إلاَّ بتأويلِ الحَذْفِ " .