إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا} (36)

{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ } أي ما صحَّ وما استقامَ لرجلٍ ولا امرأةٍ من المؤمنينَ والمؤمناتِ { إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً } أيْ إذا قضَى رسولُ الله ، وذكرُ الله تعالى لتعظيمِ أمرِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ، أو للإشعارِ بأنَّ قضاءَهُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قضاءُ الله عزَّ وجلَّ ؛لأنَّه ( نزلَ في زينبَ بنتِ جحشٍ بنتِ عمَّتِه أميمةَ بنتِ عبدِ المُطَّلبِ خطبَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لزيدِ بنِ حارثةَ فأبتْ هيَ وأخُوها عبدُ اللَّه ) . ( وقيلَ : في أمِّ كُلثوم بنتِ عقبةَ بنِ أبي معيطٍ وهبتْ نفسَها للنبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فزوَّجها من زيدٍ فسخطتْ هي وأخُوها وقالا : إنَّما أردنا رسولَ الله فزوَّجنا عبدَه ) { أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ } أنْ يختارُوا من أمرِهم ما شاءوا بل يجبُ عليهم أنْ يجعلُوا رأيَهم تبعاً لرأيِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ واختيارَهم تلواً لاختيارِه . وجمعُ الضَّميرينِ لعمومِ مؤمنٍ ومؤمنةٍ لوقوعِهما في سياقِ النَّفيِ . وقيل : الضَّميرُ الثَّانِي للرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والجمعُ للتَّعظيمِ . وقرئ تكونَ بالتَّاءِ { وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ } في أمرٍ من الأمورِ ويعملْ فيهِ برأيِه { فَقَدْ ضَلَّ } طريقَ الحقِّ { ضلالا مبِيناً } أي بيِّنَ الانحرافِ عن سَنَنِ الصَّوابِ .