الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا} (36)

خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب على مولاه زيد بن حارثة ، فأبت وأبى أخوها عبد الله ، فنزلت ، فقال : رضينا يا رسول الله ، فأنكحها إياه وساق عنه إليها مهرها ستين درهماً وخماراً وملحفة ودرعاً وإزاراً وخمسين مدّاً من طعام وثلاثين صاعاً من تمر . وقيل :

هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وهي أوّل من هاجر من النساء ، وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : «قد قبلت » ، وزوّجها زيداً . فسخطت هي وأخوها وقالا : إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فزوّجنا عبده ، والمعنى وما صحّ لرجل ولا امرأة من المؤمنين { إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ } أي رسول الله ، أو لأن قضاء رسول الله هو قضاء الله { أمْراً } من الأمور : أن يختاروا من أمرهم ما شاؤوا ، بل من حقهم أن يجعلوا رأيهم تبعاً لرأيه ، واختيارهم تلواً لاختياره .

فإن قلت : كان من حق الضمير أن يوحد كما تقول : ما جاءني من رجل ولا امرأة إلاّ كان من شأنه كذا ، قلت : نعم ولكنهما وقعا تحت النفي ، فعما كل مؤمن ومؤمنة ، فرجع الضمير على المعنى لا على اللفظ . وقرىء : «يكون » بالتاء والياء . { الخيرة } ما يتخير .