وقوله تعالى : { فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك } قوله : { لا تكلف إلا نفسك } يحتمل وجهين :
( أحدهما : كقوله تعالى ){[6086]} { ما عليك من حسابهم من شيء } ( الأنعام : 52 ) وكقوله عز وجل : { فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم } ( النور : 54 ) .
والثاني : { لا تكلف إلا نفسك } أي تكلف أنت بالقتال والجهاد ، وإن تخلف{[6087]} هؤلاء عن الخروج معك . يؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ( هذا حين استنصر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم بوعد أبي سفيان ( يوم ){[6088]} بدر الصغرى ، فخذله{[6089]} الناس ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأخرجن إلى بدر وإن لم يتبعني أحد منكم " فتبعه{[6090]} أقل الصحابة – رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- وقال : { حسبنا الله ونعم الوكيل }( آل عمران : 173 ) .
وفيه دليل وعد النصر له الفتح والنكبة على الأعداء ( لأنهم تخلفوا عن الخروج معه ) {[6091]} فلو لم يكن وعد النصر له لم يؤمر بالخروج . ألا ترى أنه قال عز وجل : { عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا } وعسى من الله تعالى واجب ؟
وفي قوله تعالى : { عسى الله } وعد نصره ، وإن خرج وحده ؛ إذ ال : عسى هو من الله واجب .
وقوله تعالى : { وحرض المؤمنين } على القتال يحتمل وجوها :
( أحدها ){[6092]} : { وحرض المؤمنين } بالثواب لهم وكريم المآب على ذلك .
والثاني : {[6093]} قوله : { وحرض المؤمنين } على القتال لما في القتال معهم إظهار دين الله الإسلام ، وفي ترك المجاهدة والقتال معهم نصر العدو عليهم وإظهار دينهم أمر عز وجل رسوله عليه السلام ليرغبه في مجاهدة أعدائهم .
والثالث : { وحرض المؤمنين } على المجاهدة والقتال معهم وعدا بالنصر لهم والفتح والغنيمة ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا } وال : عسى من الله واجب . وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم{ أن يكف } عنهم{ بأس الذين كفروا } .
وقوله تعالى : { والله أشد بأسا وأشد تنكيلا }قيل : { أشد بأسا }لما يدفع بأس المشركين عنكم ، ولا يقدرون هم دفع بأس عن أنفسهم ، فبأس الله أشد . وقوله سبحانه وتعالى : { وأشد تنكيلا } قيل : التنكيل هو العذاب الذي يكون للآخر فيه زجر ومنع . وقيل : حين قال له : { لا تكلف إلا نفسك } ولو لم يتبعك أحد من الناس لكف الله عنك بأس المشركين . وقيل : البأس هو عذاب الدنيا ، والتنكيل والنكال هو عذاب الآخرة ؛ لأنه يخوفهم بأسه لتخلفهم عن العدو ومخافة بأسهم وعذابهم ، فأخبر عز وجل أن بأس الله وعذابه أشد من بأس الأعداء ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.