بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفۡسَكَۚ وَحَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأۡسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأۡسٗا وَأَشَدُّ تَنكِيلٗا} (84)

ثم قال : { فَقَاتِلْ في سَبِيلِ الله } أي في طاعة الله { لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ } قال مقاتل : يعني ليس عليك ذنب غيرك .

وقال الزجاج : أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد وإن قاتل وحده ، لأنه قد ضمن له النصر . وقال أبو بكر في أهل الردة : لو خالفتني يميني لجاهدت بشمالي . ويقال : واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بأن يخرج إلى بدر الصغرى ، فكره المسلمون الخروج فأمره الله تعالى بأن يخرج وإن كان وحده . فقال : { وَحَرّضِ المؤمنين } أي على القتال ، يعني على الجهاد بقتال أعداء الله { عَسَى الله أَن يَكُفَّ بَأْسَ الذين كَفَرُواْ } أي يمنع قتال الذين كفروا . والبأس هو القتال ، كما قال في آية أخرى { لَّيْسَ البر أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المشرق والمغرب ولكن البر مَنْ أمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وأتى المال على حُبِّهِ ذَوِى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وَفِي الرقاب وَأَقَامَ الصلاة وَأتَى الزكاة والموفون بِعَهْدِهِمْ إِذَا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وَحِينَ البأس أولئك الذين صَدَقُوا وأولئك هُمُ المتقون } [ البقرة : 177 ] ثم قال تعالى : { والله أَشَدُّ بَأْساً } أي عذاباً . ويقال : { وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } أي أشد عقوبة في الآخرة عن عقوبة الكفار في الدنيا .