فلما سمع يوسف مقالها هذا ، وعرف أنها عزمة منها مع ما قد علمه من نفاذ قولها عند زوجها العزيز قال مناجياً لربه سبحانه : { رَبّ السجن } أي : يا ربّ السجن الذي أوعدتني هذه به { أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ } من مؤاتاتها والوقوع في المعصية العظيمة التي تذهب بخير الدنيا والآخرة . قال الزجاج : أي دخول السجن ، فحذف المضاف . وحكى أبو حاتم أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قرأ ( السجن ) بفتح السين ، وقرأ كذلك ابن أبي إسحاق وعبد الرحمن الأعرج ويعقوب ، وهو مصدر سجنه سجناً ، وإسناد الدعوة إليهنّ جميعاً ، لأن النسوة رغبنه في مطاوعتها وخوّفنه من مخالفتها ، ثم جرى على هذا في نسبة الكيد إليهن جميعاً ، فقال : { وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنّي كَيْدَهُنَّ } أما الكيد من امرأة العزيز فما قد قصه الله سبحانه في هذه السورة ، وأما كيد سائر النسوة فهو ما تقدّم من الترغيب له في المطاوعة والتخويف من المخالفة . وقيل : إنها كانت كل واحدة تخلو به وحدها وتقول له : يا يوسف اقض لي حاجتي فأنا خير لك من امرأة العزيز ؛ وقيل : إنه خاطب امرأة العزيز بما يصلح لخطاب جماعة النساء تعظيماً لها ، أو عدولاً عن التصريح إلى التعريض ، والكيد : الاحتيال . وجزم { أَصْبُ إِلَيْهِنَّ } على أنه جواب الشرط أي : أمل إليهنّ ، من صبا يصبو : إذا مال واشتاق ، ومنه قول الشاعر :
إلى هند صبا قلبي *** وهند حبها يصبي
{ وَأَكُن مّنَ الجاهلين } معطوف على { أصب } أي : أكن ممن يجهل ما يحرم ارتكابه ويقدم عليه ، أو ممن يعمل عمل الجهال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.