ولما كان المثل مضروبا للحق والباطل في الثبات وعدمه ، والقصد أهلهما ، صرح بهما فذلكة له ، فقال في أهل المثل الأول : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء } .
{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } القول الثابت هو الكلمة الطيبة التي ذكرت صفتها العجيبة وهو الحق . و { بالقول } جوزوا تعلقه ب { يثبت } و { آمنوا } . والمعنى على الأول : ثبتهم بالبقاء على ذلك ، أو ثبتهم في سؤال القبر به ، وعلى الثاني فالباء سببية والمعنى : آمنوا بالتوحيد الخالص فوحدوه ونزهوه عما لا يليق بجنابه . و { في الحياة } متعلق ب { يثبت } أو { بالثابت } كما قاله أبو البقاء . واقتصر الزمخشري وأتباعه على الأول حيث قال :
القول الثابت الذي ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه وتمكن فيه فاعتقده واطمأنت إليه نفسه . وتثبيتهم به في الدنيا ، أنهم إذا فتنوا في دينهم لم يزلّو . كما ثبت أصحاب الأخدود والذين نشروا بالمناشير ومشطت لحومهم بأمشاط الحديد ، وتثبيتهم في الآخرة أنهم إذا سئلوا عند تواقف الأشهاد عن معتقدهم ودينهم لم يتلعثموا ولم يبهتوا ولم تحيّرهم أهوال الحشر . وقيل : معناه الثبات عند سؤال القبر . فعن البراء بن عازب رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال : فذلك قوله تعالى : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت . . . } الآية " ، رواه الشيخان{[5157]} وأهل ( السنن ) .
/ وعليه ، فتفسير الآخرة بالقبر ، لكون الميت انقطع بالموت عن أحكام الدنيا .
{ ويضل الله الظالمين } أي : يخلق فيهم الضلال عن الحق الذي ثبت المؤمنين عليه حسب إرادتهم واختيارهم ، ووصفهم بالظلم لوضعهم الشيء في غير موضعه ، أو لظلمهم أنفسهم حيث بدلوا فطرة الله التي فطر الناس عليها { ويفعل الله ما يشاء } أي : من التثبيت والإضلال حسبما تقتضيه حكمته البالغة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.