الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ} (27)

قوله : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } – إلى قوله – { ولا خلال }[ 27-31 ] .

ومعناه{[37199]} : يثبت الله الذين آمنوا به وبرسله{[37200]} وكتبه بقوله{[37201]} لا إله إلا الله ، وأن محمدا{[37202]} رسول الله{[37203]} : أي : يثبتهم ( بذلك في الحياة الدنيا : أي : في قبورهم قبل قيام الساعة{[37204]} .

{ وفي الآخرة }[ 27 ] : قال البراء بن عازب : يثبت الله الذين آمنوا بالشهادة{[37205]} في القبر ، إذ أتاهم الملكان ، فقالا : من ربك ؟ فيقول ربي ( الله فيقولان ){[37206]} ما دينك ؟ فيقول : دين( ي ){[37207]} الإسلام ، فيقولان من{[37208]} نبيك ؟

فيقول{[37209]} محمد صلى الله عليه وسلم : فذلك القول الثابت{[37210]} في الحياة الدنيا{[37211]} .

وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها{[37212]} ، فإذا الإنسان دفن ، وتفرق عنه أصحابه جاءه ملك بيده مِطْرَاقٌ ، فأقعده فقال ( له ){[37213]} : ما تقول في هذا الرجل ؟ فإن كان مؤمنا : قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فيقول له : صدقت .

فيفتح له باب{[37214]} إلى النار ، فيقال ( له ){[37215]} : هذا{[37216]} منزلك لو كفرت بربك . فأما إذ{[37217]} آمنت ، فإن الله أبدلك به هذا{[37218]} ، ثم يفتح له باب{[37219]} إلى الجنة ، فيريد أن ينهض فيقال{[37220]} له : اسكن ، ثم يفسح{[37221]} له في قبره ، وأما الكافر/ ، والمنافق ، فيقال له : ماذا تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، فيقال{[37222]} له : لا دَرَيْت ، ولا تدريت ولا اهتديت ، ثم يفتح له باب{[37223]} إلى الجنة ، فيقال له : هذا منزلك لو آمنت بربك ، فأم إذ كفرت ، فإن الله عز وجل{[37224]} أبدلك به هذا . ثم يفتح له باب{[37225]} إلى النار ، ثم يقمعه الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله كلهم ، إلا الثقلين . فقال ( له ){[37226]} بعض أصحابه : يا رسول الله ما منا{[37227]} أحد يقول على رأسه ملك بيده مطراق إلا{[37228]} يفشل عند ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم{[37229]} : " { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة }[ 27 ]{[37230]} الآية .

ولهذا الحديث طرق كثيرة وألفاظ زائدة على ما ذكرنا ، وناقصة ( عن ){[37231]} ما ذكرنا والمعنى فيها قريب من الآخر{[37232]} .

وقيل : معنى الآية : يثبتهم الله في الحياة الدنيا على الإيمان ، حتى يموتوا عليه { وفي الآخرة }[ 27 ] المساءلة في القبر ، قاله طاووس{[37233]} ، وقتادة{[37234]} وهو اختيار جماعة من العلماء .

ومعنى { ويضل الله الظالمين }[ 27 ] : أي : لا يوفقهم في الحياة الدنيا إلى الإيمان ، ولا في الآخرة عند المساءلة في القبر{[37235]} .

وقوله : { ويفعل الله ما يشاء }[ 27 ] : أي : بيده الهداية والضلالة{[37236]} يضل من يشاء فلا يوفقه ، ويهدي من يشاء فيوفقه{[37237]} .


[37199]:ط: معناه.
[37200]:ط: وبرسوله.
[37201]:ط: يقول.
[37202]:ق: محمد.
[37203]:انظر هذا المعنى في: معاني الفراء2/77، وجامع البيان 16/586.
[37204]:انظر: المصدرين السابقين.
[37205]:ق: في الشهادة.
[37206]:ساقط من ط.
[37207]:ساقط من ق.
[37208]:ق: ما.
[37209]:ط: فيقول صى محمد.
[37210]:ط: المثبت.
[37211]:هذا الأثر، وإن لم يرد مرفوعا، فإنه حديث صحيح، رواه الستة بطرق متعددة عن: شعبة، انظر: صحيح البخاري مع شرحه، انظر: الفتح 8/229، كتاب التفسير، باب يثبت الله الذين آمنوا، وانظر: صحيح مسلم بشرح النووي 17/204، وسنن أبي داوود 4/329، وسنن النسائي 4/101، وسنن ابن ماجه رقم 1427، ومسند الإمام أحمد 4/91، وجامع البيان 16/589، وهناك بسط الشيخ شاكر، أسانيده، ورتبها ترتيبا حسنا لئلا يتبعثر القول فيها كما ضبط أسانيدها التي بلغت أربعة عشر إسنادا.
[37212]:ق: تبلى في قبورهم.
[37213]:ساقط من ق.
[37214]:ق: ففتح له بابا.
[37215]:ساقط من ق.
[37216]:ق: إن هذا.
[37217]:ق: إذا.
[37218]:ط: هذه.
[37219]:ق: ففتح له بابا.
[37220]:ق: فيقول.
[37221]:ق: يفصح، ط: يفتح.
[37222]:ق: فيقول.
[37223]:ففتح له بابا.
[37224]:ساقط من ق.
[37225]:ففتح له بابا.
[37226]:ساقط من ط.
[37227]:ق: فآمنا.
[37228]:ق: لا. ولعل الصواب ما أثبت.
[37229]:ساقط من ط.
[37230]:هذا حديث صحيح الاسناد رواه الإمام أحمد في: مسنده 3/53 عن أبي سعيد الخدري، والطبري في: جامع البيان 16/590-592.
[37231]:ساقط من ط.
[37232]:انظر: الهامش السابق.
[37233]:ط: طاوس، وهو أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان الخولاني الهمذاني، من التابعين، الفقهاء، المحدثين (ت حاجا بالمزدلفة 106 هـ) انظر: تذكرة الحفاظ 1/9، وصفة الصفوة 2/284، رقم 243.
[37234]:انظر: هذين القولين في: جامع البيان 16/602، والمحرر 10/84.
[37235]:وهو تفسير الطبري في: جامع البيان 16/602، وانظر: الجامع 9/239.
[37236]:ط: والإضلال.
[37237]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/603، والجامع 9/239.