نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ} (27)

فلما برز الكلام إلى هذين المثالين ، حصل التعجب ممن{[45005]} يترك ممثول الأول و{[45006]} يفعل ممثول{[45007]} الثاني ، فوقع التنبيه على أن ذلك بفعل القاهر ، فقال تعالى - جواباً لمن كأنه قال{[45008]} : إن هذا الصريح الحق ، ثم إنا نجد النفوس مائلة إلى الضلال ، وطائشة في أرجاء المحال{[45009]} ، فكيف لنا بالامتثال{[45010]} ؟ { يثبت الله } أي الذي له الجلال{[45011]} والجمال{[45012]} { الذين آمنوا } أي أوجدوا هذه الحقيقة ولو على أقل درجاتها { بالقول الثابت } أي الذي هو{[45013]} متابعة الدليل { في الحياة الدنيا } بمثل ما تقدم من محاورات{[45014]} أنبيائه { وفي الآخرة } ويهديهم عند كل سؤال إلى أحسن الأقوال حيث تطيش العقول وتدهش الأفكار لشدة{[45015]} الأهوال { ويضل الله } أي الذي له الأمر كله { الظالمين } أي العريقين{[45016]} في الظلم ، ويزلزلهم لتقلبهم في الظلمات التي من شأن صاحبها الضلال والخبط ، فيفعلون ما لا يرضاه عاقل ، فالآية من الاحتباك : ذكر الثبات أولاً دليلاً{[45017]} على ضده ثانياً ، والإضلال ثانياً دليلاً على الهدى أولاً { ويفعل الله } أي الذي له الأمر كله ، فلا يسأل عما يفعل { ما يشاء } لأن الكل{[45018]} بحكمه وقضائه وهو القادر القاهر ، فلا يتعجب من شيء ، وفي هذا إرشاد إلى الإقبال عليه وإلقاء أزمّة الافتقار إليه ؛ روى البخاري في التفسير وغيره ومسلم في أواخر صفة الجنة والنار عن البراء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : " المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله " ، فذلك قوله تعالى { يثبت الله } الآية .


[45005]:من ظ و م ، وفي الأصل: بمن.
[45006]:من ظ و م ، وفي الأصل: مفعل الممثول.
[45007]:من ظ و م ، وفي الأصل: مفعل الممثول.
[45008]:زيد من ظ و م.
[45009]:في ظ: للحال.
[45010]:من م، وفي الأصل و ظ: بالأمثال.
[45011]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[45012]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[45013]:زيد من ظ و م.
[45014]:من ظ و م، وفي الأصل: محذرات.
[45015]:في ظ: لشره.
[45016]:في ظ: الغريقين.
[45017]:في ظ: دليل.
[45018]:في ظ: الكلمة.