ولما وصف الله سبحانه وتعالى الكلمة الطيبة في الآية المتقدّمة أخبر بقوله تعالى : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } أنه تعالى يثبتهم بها { في الحياة الدنيا } ، أي : في القبر ، وقيل : قبل الموت { وفي الآخرة } ، أي : يوم القيامة عند البعث والحساب ، وقيل : في القبر على القول الثاني . ولما وصف الكلمة الخبيثة في الآية المتقدّمة أخبر بقوله تعالى : { ويضلّ الله الظالمين } ، أي : الكفار أنه تعالى لا يهديهم للجواب الصواب { ويفعل الله ما يشاء } ، أي : إن شاء هدى ، وإن شاء أضلّ لا اعتراض عليه . وروي عن البراء بن عازب أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله فذلك قوله تعالى : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } » . وروي عن أنس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ العبد إذا وضع في القبر وتولى عنه أصحابه يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد صلى الله عليه وسلم ؟ فأمّا المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله . فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة . قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : فيراهما جميعاً » قال قتادة : ذكر لنا أنه يفسح له في قبره ثم رجع إلى حديث أنس . قال : «وأمّا المنافق أو الكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه . فيقال : ما دريت ولا تليت ، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين » . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : شهدنا جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغنا من دفنها وانصرف الناس قال : «إنه الآن يسمع خفق نعالكم أتاه منكر ونكير أعينهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي البقر ، وأصواتهما مثل الرعد فيجلسانه فيسألانه ما كان يعبد ومن نبيه ؟ فإن كان ممن يعبد الله تعالى قال : كنت أعبد الله ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه فذلك قوله تعالى : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } فيقال له : على اليقين حييت وعليه مت وعليه تبعث ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ويوسع له في حفرته ، وإن كان من أهل الشك قال : لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته فيقال له : على الشك حييت وعليه مت وعليه تبعث ، ثم يفتح له باب إلى النار ويسلط عليه عقارب وتنانين لو نفخ أحدهم في الدنيا ما أنبتت شيئاً ، فتنهشه وتؤمر الأرض فتنضم عليه حتى تختلف أضلاعه » . فنسأل الله الثبات لنا ولوالدينا ولأحبابنا في الدنيا والآخرة إنه كريم جواد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.