محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡ دَخَلَۢا بَيۡنَكُمۡ فَتَزِلَّ قَدَمُۢ بَعۡدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلسُّوٓءَ بِمَا صَدَدتُّمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (94)

وقوله تعالى :

[ 94 ] { ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزلّ قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم 94 } .

{ ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم } ، تصريح بالنهي عنه ، بعد أن نهى عنه ضمنا ، لأخذه فيما تقدم قيدا للمنهي عنه ، تأكيدا عليهم ومبالغة في قبح المنهي . { فتزلّ قدم بعد ثبوتها } ، أي : فتزل أقدامكم عن محجة الحق ، بعد رسوخها فيه . { وتذوقوا السوء } ، أي : ما يسوءكم في الدنيا . { بما صددتم } ، أي : بصدودكم عن الوفاء ، أو بصدكم غيركم { عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم } ، أي : في الآخرة .

لطيفة :

تنكير { قدم } للإيذان بأن زلل قدم واحدة عظيم ، فكيف بأقدام كثيرة ؟ وأشار في ( البحر ) إلى نكتة أخرى : قال : الجمع تارة يلحظ فيه المجموع من حيث هو مجموع ، فيؤتى بما هو له مجموعا . وتارة يلاحظ فيه كل فرد فيفرد ماله ، كقوله{[5321]} : { وأعتدت / لهن متكئا } ، أي : لكل واحدة منهن متكئا . ولما كان المعنى : لا يفعل هذا كل واحد منكم ، أفرد { قدم } مراعاة لهذا المعنى . ثم قال : { وتذوقوا } ، مراعاة للفظ الجمع .

قال الشهاب : هذا توجيه للإفراد من جهة العربية ، فلا ينافي النكتة الأولى .


[5321]:[12 / يوسف / 31].