{ وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( 94 ) }
ثم لما نهاهم سبحانه عن نقض مطلق الإيمان نهاهم عن نقض أيمان مخصوصة ، فقال : { وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ } ، قال الشهاب وغيره : ولما كان اتخاذ الأيمان دخلا قيدا للمنهي عنه كان منهيا عنه ضمنا ، فصرح به هنا تأكيدا ومبالغة في قبح المنهي عنه .
قال في الجمل : وعلى هذا فهو تأسيس ، لا تأكيد ولا تكرير ، قال أبو حيان : لم يتكرر النهي ، وإنما الذي سبق إخبار بأنهم اتخذوا أيمانهم دخلا معللا بشيء خاص ، هو أن تكون أمة هي أربى من أمة ، وجاء النهي بقوله هذا استئنافا للنهي عن اتخاذ الأيمان دخلا على العموم ، أي : في كل حال ، فيشمل جميع الصور من الخديعة في المبايعة وقطع الحقوق المالية وغير ذلك .
قال الواحدي : قال المفسرون : وهذا في نهي الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نقض العهد على الإسلام ونصرة الدين ، واستدلوا على هذا التخصيص بما في قوله : " فتزل قدم بعد ثبوتها " ، من المبالغة ، وبما في قوله : " وتذوقوا السوء بما صددتم " ؛ لأنهم إذ نقضوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدوا غيرهم عن الدخول في الإسلام ؛ وعلى تسليم أن هذه الأيمان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي سبب نزول هذه الآية ، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
{ فَتَزِلَّ قَدَمٌ } ، أي : قدم من اتخذ يمينه دخلا عن محجة الحق ، { بَعْدَ ثُبُوتِهَا } عليها ورسوخها فيها ، قيل : وإفراد القدم وتنكيرها للإيذان بأن زلل قدم واحدة ، أية قدم كانت ، عزت أو هانت ، محذور عظيم ، فكيف بأقدام كثيرة ، وهذا استعارة للمستقيم الحال يقع في شر عظيم ويسقط فيه ؛ لأن القدم إذا زلت نقلت الإنسان من حال غير حال شر ، ويقال لمن أخطأ في شيء زلت به قدمه .
{ وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ } ، أي : العذاب السيئ في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما ، ب { مَا صَدَدتُّمْ } ، أي : بسبب امتناعكم وصدودكم { عَن سَبِيلِ اللّهِ } ، وهو الإسلام ، أو بسبب صدكم لغيركم عن الإسلام ، فإن من نقض البيعة وارتد اقتدى به غيره في ذلك ، فكان فعله سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها ، ولهذا قال : { وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ، أي : متبالغ في العظم ، وهو عذاب الآخرة إن كان المراد بما قبله عذاب الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.