التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡ دَخَلَۢا بَيۡنَكُمۡ فَتَزِلَّ قَدَمُۢ بَعۡدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلسُّوٓءَ بِمَا صَدَدتُّمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (94)

قوله تعالى : { ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم ( 94 ) ولا تشتروا بعهد لله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون ( 95 ) ما عندكم ينفذ وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ( 96 ) } ، كرر النهي عن اتخاذ الأيمان من أجل الخديعة وعلى سبيل المكر ، لفظاعة هذه الخطيئة وشدة نكرها ؛ إذ تخفون في أنفسكم قصد الخيانة والغدر ونقض العهد مع الآخرين ، ( فتزل قدم بعد ثبوتها ) ، ( فتزل ) : منصوب بإضمار أن على جواب النهي{[2601]} ، أي : فتضلوا وتزيغوا عن محجة الإسلام بعد ثبوتكم عليها . وقد وحّد القدم ونكرها كما قال الزمخشري : لاستعظام أن تزل قدم واحدة عن طريق الحق بعد أن ثبتت عليه ، فكيف بأقدام كثيرة ؟ ! .

قوله : ( وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ) ، أي : يذيقكم الله العذاب الذي يعذب به العصاة في الدنيا بسبب ذنوبهم ومعاصيهم ، ( بما صددتم عن سبيل الله ) ، ما ، مصدرية . وصددتم من الصدود ، أي : بسبب صدودكم عن محجة الله وخروجكم عن دينه . أو من الصد ، ومفعوله محذوف ، أي : بسبب صدكم غيركم عن ملة الإسلام{[2602]} ، فهم بنقضهم أيمان البيعة على الإسلام وارتدادهم يفتنون الناس ويغرونهم بمجانبة الإسلام والصدود عنه .

قوله : ( ولكم عذاب عظيم ) ، وهو عذاب النار يوم القيامة . ويستفاد من مفهوم هذه الآية أن المراد بذلك الذين بايعوا رسول الله ( ص ) على الإسلام ونهوا عن مفارقة الإسلام لقلة أهله وكثرة المشركين .


[2601]:- الدر المصون جـ7 ص 282.
[2602]:- نفس المصدر السابق.