استوى إلى السماء : قصد نحوها .
دخان : مادة غازية أشبه بالدخان .
ثم توجهتْ إرادته تعالى إلى السماء وهي غاز هو معروف بالسديم الآن ، وخلقَ السموات والأرض على وفق إرادته ، فقال للسماء والأرض ، ائتيا طائعين
أو مكرهتين بما وضعتُ فيكما من التأثير ، وأبرِزا ما أودعتكما من الأوضاع المختلفة والكائنات ، وائتيا في الوجود على ما أردتُه لكما ، قالتا : أتينا طائعين لك أيها الخالق العظيم .
ولما كانت السماوات أعظم من الأرض في ذاتها بنور أبنيتها واتساعها وزينتها ودوران أفلاكها وارتفاعها ، نبه على ذلك بالتعبير بأداة التراخي ، ولفظ الاستواء وحرف الغاية الدال على عظيم العناية فقال : { ثم استوى } أي قصد قصداً هو القصد منتهياً قصده { إلى السماء وهي } أي والحال أنها { دخان } بعد ما فتقها من الأرض ، قالوا : كان ذلك الدخان بخار الماء فهو مستعار من المرتفع من النار ، وهو تشبيه صوري ، فالسماء متقدمة في الدخانية على الأرض ، تقدم الذكر على الأنثى ثم خلقت ذات الأرض وبعد تصوير السماء وتتميمها دحيت أنثى الأرض وسويت لذكر السماء ، قال ابن برجان : فالذي يعتقد أن السماء أولاً إيجاداً وتتميماً والأرض بعدها إيجاداً ورتبة ، وأيام الخلق يومان لإيجاد الأرض ويومان لتسوية السماء بعد أن كانت دخاناً ، ويومان لتتميم المنافع فتداخلت الأعداد لتداخل الأفعال ، { فقال لها } أي عقب هذا الاستواء { وللأرض } بعد خلقها وقبل دحوها : { ائتيا } أي تعاليا وأقبلا مواتيتين مقارنتين لما قدرته فيكما وأردته منكما من إخراج المنافع من المياه والنبات والمعادن وغيرها ، ووضع المصدر موضع الحال مبالغة فقال : { طوعاً أو كرهاً } أي طائعتين أو كارهتين في إخراج ما أودعتكما من الأمانة في أوقاتها وعلى ما ينبغي من مقاديرها وهيآتها طوع تسخير لا تكليف { قالتا أتينا } أي نحن وما فينا ما بيننا .
ولما جعلهما موضع المخاطبة للتي هي للعقلاء والتكلم ، قال جامعاً لهما باعتبار أفرادهما وما فيهما جمع من يعقل : { طائعين * } أي في كل ما رسمته فينا لا نحمل من ذلك شيئاً بل نبذله على ما أمرت به لا نغير ولا نبدل ، وذلك هو بذلهما للأمانة ، وعدم حملها ، وجمع الأمر لهما في الإخبار لا يدل على جمعه في الزمان ، بل قد يكون القول لهما متعاقباً
{ ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين }
{ ثم استوى } قصد { إلى السماء وهي دخان } بخار مرتفع { فقال لها وللأرض ائتيا } إلى مرادي منكما { طوعاً أو كرهاً } في موضع الحال ، أي طائعتين أو مكرهتين { قالتا أتينا } بمن فينا { طائعين } فيه تغليب المذكر العاقل أو نزلتا لخاطبهما منزلته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.