تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَ حُقُبٗا} (60)

فتاه : خادمه ، تلميذه .

لا أبرح : لا أزال سائرا .

مجمع البحرين : مكان اجتماعهما .

حقبا : مدة طويلة :

هذه القصة الثالثة التي اشتملت عليها سورة الكهف ، وهي قصة موسى مع الرجل الصالح الذي آتاه الله علما . وهذه القصة وردت هنا في سورة الكهف ولم تكرر في القرآن . وموسى هذا اختلف المفسرون فيه : هل هو موسى بن عمران النبي المرسل صاحب التوراة ، أو موسى آخر ؟ وأكثر المفسرين على أنه موسى بن عمران . وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس رضي الله عنهما : إن نوفا البكالي من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل ، فقال ابن عباس : كذب عدو الله .

ونوف البكالي هذا كان من التابعين ومن أصحاب سيدنا علي بن أبي طالب وإمام أهل الشام في عصره . وكان ابن زوجة كعب الأحبار ، وكان راويا للقصص ، توفي نحو سنة 95 ه .

وعند أهل الكتاب وبعض المحدّثين والمؤرخين أن موسى هذا ليس موسى بن عمران ، بل موسى آخر ، وهو متقدم في التاريخ .

والقرآن الكريم لم يحدد الأسماء ولا زمن الحادثة ، ونحن لا يهمنا الأشخاص وإنما نقف مع نصوص القرآن ، والعبرة من القصص ، وما نستفيد منها .

وفتاه : يقول المفسرون : إنه يوشع بن نون تلميذه وخليفته . ومجمع البحرين لم يحدَّد مكانهما ، وهناك أقوال كثيرة منها : أنهما البحر الأحمر والبحر الأبيض ، أو مجمع البحرين عند طنجة وغير ذلك . قال البقاعي في « نظم الدرر » : الظاهر واللهُ أعلم أن مجمع البحرين عند دمياط أو رشيد من بلاد مصر ، حيث مجمع النيل والبحر الأبيض .

وكلها أقوال بدون دليل أو خبر قطعي .

{ وَإِذْ قَالَ موسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حتى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البحرين أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً . . . } : اذكر أيها الرسول حين قال موسى لفتاه خادمه وتلميذه : سأظل أسير حتى أبلغ ملتقى البحرين أو أسير زمنا طويلا حتى التقي به .

وسبب ذلك كما في كتب الحديث : « عن أبي كعب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن موسى قام خطيبا في بني اسرائيل ، فسئل أي الناس أعلم ؟ قال : أنا ، فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه ، فأوحى الله إليه أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك . قال موسى : يا رب وكيف لي به ؟ قال تأخذ معك حوتا فتجعله بمكتل ، فحيثما فقدت الحوت فهو هناك » . المِكتَل : الزنبيل ، القفة .