محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَ حُقُبٗا} (60)

ثم أشار تعالى إلى نبأ موسى مع الخضر عليهما السلام ، ذلك النبأ الذي تضمن من الفوائد والحكم وأعلام النبوة ، ما لا يخفى على متبصر . كما ستقف على شذرات من ذلك فقال سبحانه :{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ( 60 ) } . ، أي اذكر وقت قول موسى لفتاه ، لا أبرح ، أي لا أزال أسير حتى أبلغ مجمع البحرين . أي المكان الذي فيه ملتقى البحرين . فأجد فيه الخضر . أو أسير زمانا طويلا إن لم أجده ثمة ، فأتيقن فوات المطلب .

قال المهايمي : أي اذكر للذين إن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ، لتكبرهم عليك ، إنكم لستم بأعلم من موسى ولا أرشد منه . ولست أقل من الخضر في الهداية بل أعظم . لأنها هداية في الظاهر والباطن . وهداية الخضر إنما هي في الباطن ، ولا تحتاجون في تحصيله إلى تحمل المشاق ، واحتاج إليه موسى . و ( الفتى ) الشاب . قال الشهاب : العرب تسمي الخادم فتى ، لأن الغالب استخدام من هو في سن الفتوة . وكان يوشع خادم موسى عليه السلام ومحبا له ، وذا غيرة على كرامته . ولذلك اختصه موسى رفيقا له وخادما . وصار خليفة من بعده على بني إسرائيل . وفتح عليه تعالى بيت المقدس ونصره على الجبارين .