التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَ حُقُبٗا} (60)

قوله تعالى { وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا } إلى قوله { ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا }

قال البخاري : حدثنا الحُميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو بن دينار ، قال : أخبرنا سعيد ابن جبير ، قال : قلت لابن عباس : إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل ، فقال ابن عباس : كذب عدوّ الله ، حدثني أُبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل ، فسئل : أيّ الناس أعلم ؟ فقال : أنا . فعتب الله عليه إذ لم يَرُدّ العلم إليه ، فأوحى الله إليه : إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك .

قال موسى : يا ربّ فكيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حُوتا فتجعله في مكتل ، فحيثما فقدت الحوت فهو ثَمّ . فأخذ حوتا فجعله في مِكتل ثم انطلق ، وانطلق معه بفتاه يُوشع بن نُون ، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما ، واضطرب الحوت في المِكتل فخرج منه فسقط في البحر { فاتخذ سبيله في البحر سربا } وأمسك الله عن الحوت جِرْيَةَ الماء فصار عليه مثل الطاق ، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت ، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه : { آتنا غذاءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا } قال : ولم يجد موسى النَصَبَ حتى جاوزا المكان الذي أمر به ، فقال له فتاه : { أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا } قال : فكان للحوت سَرَبا ، ولموسى ولفتاه عجبا . فقال موسى : { ذلك ما كنا نبغي فارتدّ على آثارهما قصصا } ، قال : رجعا يقصّان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجّى ثوبا ، فسلّم عليه موسى فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ، قال : أنا موسى . قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم ، أتيتك لتُعلمني مما عُلّمت رشدا . { قال إنك لن تستطيع معي صبرا } يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت ، وأنت على علم من علم الله علّمك الله لا أعلمه . فقال موسى : { ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا } فقال له الخضر : { فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذِكرا } ، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ، فمرّت سفينة ، فكلموهم أن يحملوهم ، فعرفوا الخَضِرَ فحملوه بغير نَوْل . فلما ركبا في السفينة لم يَفْجَأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم . فقال له موسى : قوم حملونا بغير نول ، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ، لقد جئت شيئا إمرا . قال : ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ؟ قال : { لا تؤاخذني بما نسيت ، ولا تُرهقني من أمري عُسرا } " قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وكانت الأولى من موسى نسيانا " . قال : وجاء عُصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة ، فقال له الخَضر : ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر . ثم خرجا من السفينة ، فبينا هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان ، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله ، فقال له موسى : { أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئتَ شيئا نُكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا } قال : وهذه أشدّ من الأولى . { قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تُصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل القرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ } قال : مائل ، فقام الخضر فأقامه بيده . فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ، ولم يضيفونا ، { لو شئت لاتخذت عليه أجرا } . { قال : هذا فراق بيني وبينك } إلى قوله { ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا } . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ودِدنا أن موسى كان صبر حتى يقُصّ الله علينا من خبرهما " . قال سعيد بن جبير : فكان ابن عباس يقرأ { وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة –صالحة- غضبا } وكان يقرأ { وأما الغلام فكان- كافر وكان- أبواه مؤمنين } .

( الصحيح-التفسير-سورة الكهف ح4725 )وأخرجه مسلم في( صحيحه-ك الفضائل ، ب فضائل الخضر4/1847ح2380 ) .

قال مسم : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه ، عن رقبة بن مسقلة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أُبيّ بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الغلام الذي قتله الخضر طِبع كافرا . ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا " .

( صحيح مسلم4/2050-ك القدر ، ب معنى كل مولود يولد على الفطرة . . ح2661 ) .

قال البخاري : حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني ، أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما سُمّي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء ، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء " .

( الصحيح6/499ح3402-ك أحاديث الأنبياء ، ب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام ) قوله تعالى { أو أمضي حقبا }

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { أو أمضي حقبا } ، قال : دهرا .