معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَ حُقُبٗا} (60)

وقوله : { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ 60 } يريد : لا أزال حتى أبلغ ، لم يرد : لا أبرح مكاني . وقوله : { فَلَنْ أَبْرحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبىِ } غير معنى أزال ، هذه إقامة . وقوله { لَنْ نبْرَحَ 107 ا عَليْهِ عَاكِفِينَ } : لن نزال عليه عاكفينَ . ومثلها ما فتئت وَما فتأت - لغة - وَلاَ أفتأ أذكرك . وقوله { تَاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ } مَعْناهُ : لا تزال تذكر يوسف . ولا يكون تزال وأفتأ وأبرح إذا كانت في معناهما إلاّ بجحد ظاهر أو مضمر . فأما الظاهر فقد تراه في القرآن { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفين } { وَلاَ يَزَالُ الذِينَ كَفَرُوا } { فَما زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمُ } وكذلك { لا أَبْرَحُ } والمضمر فيه الجحد قول الله ( تَفْتَأُ ) ومعناه : لا تفتأ . لا تزال تذكر يوسف : ومثله قول الشاعر :

فَلاَ وأَبىِ دَهْماء زَالَتْ عزِيزةً *** على قومها ما فتَّل الزَّنْدَ قَادِحُ

وكذلك قول امرئ القيس :

فقلت يمينُ الله أبرح قاعداً *** ولو قطعُوا رَأسي لديكِ وأوصَالي

قوله : { أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً } الحُقُبُ في لغة قيس : سَنَة . وَجَاء التفسير أنه ثمانون سنة . وأمَّ قوله : { مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ } فبحر فارس والروم . وإنما سمّي فتى مُوسَى لأنه كان لازما له يأخذ عنه العلم . وهو يُوشعَ بن نون .