تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (256)

تبين : ظهر ووضح .

الرشد : بالضم والرشد ، والرشاد : الهدى وكل خير .

الغي : الجهل .

الطاغوت : الشيطان ، وكل ما يُعبد من دون الله .

العروة : من الدلو أو الكوز مقبضه .

الوثقى : الوثيقة المتينة . . والمراد بها هنا الإيمان بالله .

الانفصام : الانقطاع والانكسار .

لا يُكره أحد على الدخول في الإسلام ، فقد وضح طريق الحق والهدى من طريق الغي والضلال . فمن هداه الله لأن يدخل في الدين ويكفر بالأوثان وكل ما سِوى الله ، فقد استمسك بأمتن وسائل الحق ، التي لا تنقطع ، كما اعتصم بطاعة الله ، فلا يخشى خذلانه إياه عند حاجته إليه في الآخرة .

وهذه الآية من أكبر الحجج التي تبيّن عظمة الإسلام ، فهي نص صريح على أن مبدأه هو حرية الاعتقاد . وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان واحترام إرادته ومشاعره . لقد ترك أمره لنفسه فيما يختص في الاعتقاد . وحرية الاعتقاد هي أول حقوق الانسان . ومع حرية الاعتقاد هذه تتمشى الدعوة للعقيدة .

إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي ينادي بأن لا إكراه في الدين ، والذي يبين لأصحابه قبل سواهم أنهم ممنوعون من إكراه غيرهم على اعتناقه .

روى الطبري عن ابن عباس أن رجلاً من الأنصار يقال له الحصيني كان له ابنان نصرانيان ، وكان هو مسلما ، فقال للنبي : ألا أُكرهمما على الإسلام ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية .

أما الذين يقولون إن الإسلام قد انتشر بالسيف ، فإنهم من المغرضين المفترين على الله ، ذلك أن الجهاد في الإسلام إنما فُرض لرد الاعتداء ولحماية العقيدة ،

لا ليكرِه أحداً على الإسلام .