قوله : ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ ) [ 255 ] .
أكثر الناس على أن هذه الآية مخصوصة نزلت في أهل الكتاب ألا يكرهوا على الدين( {[8352]} ) ، إذا أدوا الجزية . فأما أهل الأوثان فلا تؤخذ منهم الجزية ويكرهون على الدين( {[8353]} ) . قاله ابن عباس ؛ قال : " كانت المرأة تجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تُهَوِّدَهُ ، فلما أجليت بنو النضير ، كان فيهم من أبناء الأنصار ، فقالت( {[8354]} ) الأنصار : لا ندع أبناءنا ، فأنزل الله : ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) الآية ، فمن شاء لحق ، ومن شاء لم يلحق( {[8355]} ) " .
وقد قيل : إن الآية منسوخة منسخها : ( يَاأَيُّهَا النَّبِيءُ( {[8356]} ) جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ )( {[8357]} )( {[8358]} ) .
وأكثر الناس على أن( {[8359]} ) هذه الآية نزلت في غير عبدة الأوثان ، ومن [ لا كتاب له ]( {[8360]} ) ، ومن لا يؤدي الجزية من أهل الكتاب .
والألف واللام في " الدِّين " عوض من ضمير يعود على الله . والمعنى " وهو العلي العظيم لا إكراه في دينه " ( {[8361]} ) .
وقيل : هما للتعريف( {[8362]} ) . والدين : الإسلام( {[8363]} ) .
قوله : ( قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ ) [ 255 ] .
قرأ أبو عبد الرحمن " الرَّشَدَ " بفتحتين ، وهما لغتان( {[8364]} ) ، كالبُخْل( {[8365]} ) والبَخَل ، والشُّغْل والشَّغَل ، والسُّقْم والسَّقَم ، والعُدْم والعَدَم/ والعُرْب والعَرَب ، والعُجْم والعَجَم ، والسُّخْط والسَّخَط ، والحُزْن والحَزَن ، والوُلْد والوَلَد( {[8366]} ) .
والرشد إصابة الحق ، والغي ضده . وهو مصدر غَوِيَ يَغْوِي غَيّاً( {[8367]} ) ، وأصله " غَوْياً " ( {[8368]} ) . وبعضهم يقول : غَوَى ، يَغْوَى بالفتح فيهما( {[8369]} ) .
وقال بعضهم : غَوَى يَغْوِي/إذا عدا الحق فضل ، فمعناه : استبان الإيمان من الكفر .
قوله : ( فَمَنْ يَّكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ) [ 255 ] أي بالشيطان ، والجبت( {[8370]} ) : السحر .
وقيل : الكاهن( {[8371]} ) .
وقال مجاهد في قوله ( يُرِيدُونَ( {[8372]} ) أَنْ يَّتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ )( {[8373]} ) ، هو كعب بن( {[8374]} ) الأشرف ، وهو مشتق من " طغى " مقلوب وأصله طَغَوُوتٌ مثل جَبَرُوتٌ( {[8375]} ) .
وقيل أصله طَيغُوتٌ لأنه يقال : طَغَوْتُ وَطَغَيْتُ( {[8376]} ) .
وقيل : هو في معنى الطغيان( {[8377]} ) وليس بمشتق منه ، إنما يؤدي عن معناه ، كما قيل : رجل لآلٌ من اللؤلؤ ، يؤدي عن معناه ، وليس بمشتق منه( {[8378]} ) .
قوله : ( بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى ) [ 255 ] .
أي تمسك بأوثق ما يستوثق به ويتمسك به .
وقيل : الجبت والطاغوت كل ما يعبد من دون الله( {[8379]} ) .
قال سيبويه : " الطاغوت واحد مؤنث يقع على الجميع " ( {[8380]} ) .
وقال المبرد : " هو جماعة( {[8381]} ) " ، يريد به الشياطين( {[8382]} ) .
وقال أنس : " العروة الوثقى : القرآن " . ذكره عنه ابن أبي شيبة( {[8383]} ) .
/وقيل : العروة الوثقى : العهد الوثيق .
وقال ابن عباس : " العروة الوثقى : لا إله إلا الله( {[8384]} ) .
قوله : ( لاَ انفِصَامَ لَهَا ) [ 255 ] . أي لا انكسار لها .
وقال/ السدي : " لا انقطاع لها " ( {[8385]} ) .
( وَاللَّهُ سَمِيعٌ ) [ 255 ] . أي يسمع إيمان المؤمن وكفر الكافر .
( عَلِيمٌ ) [ 255 ] . أي عليم بمن وافق قلبه( {[8386]} ) في الإيمان لسانه وأخلص في قوله( {[8387]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.